[478] ولكن تاريخ الإسلام شاهد على أنّ أيّاً من هذه المخطّطات الشيطانية لم تكن ذات أثر، وكانت النتيجة أن دخل الناس في هذا الدين العظيم فوجاً بعد فوج. في الآية التي بعدها، يشطب القرآن الكريم على جميع تلك الإدّعاءات الواهية، مع أنّها واضحة البطلان، فيقول: (وما آتيناهم من كتب يدرسونها، وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير). وهي إشارة إلى أنّ هذه الإدّعاءات يمكنها أن تكون مقبولة فيما لو جاءهم رسول من قبل بكتاب سماوي يخالف مضمونه الدعوة الجديدة، فلا بأس أن ينبروا لتكذيبها، وينادوا بتراث الأجداد تارةً، وبتكذيب الدعوة الجديدة تارةً اُخرى، أو إتّهام من جاء بها بالسحر. أمّا من لا يعتمد إلاّ على فكره الشخصي ـ بدون أي وحي من السماء ـ وبدون أن يكون له نصيب من علم، فلا يحقّ له الحكم لمجرّد تلفيقه الخرافات والأوهام. ويستفاد من هذه الآية أيضاً أنّ الإنسان لا يمكنه أن يطوي طريق الحياة بعقله فقط، بل لابدّ أن يستمدّ المعونة من وحي السماء ويتقدّم إلى الأمام بالإستعانة بالشرائع، وإلاّ فهي الظلمات والخوف من التيه. الآية الأخيرة من هذه الآيات، تهدّد تلك المجموعة المتمردّة بكلمات بليغة مؤثّرة فتقول: (وكذب الذين من قبلهم) في حين أنّ هؤلاء لم يبلغوا في القوّة والقدرة عشر ما كان لاُولئك الأقوام (وما بلغوا معشار ما آتيناهم فكذّبوا رسلي فكيف كان نكير). فمدنهم المدمّرة بضربات العقوبة الإلهية الساحقة ليست ببعيدة عنكم .. فهي في الشام القريب منكم، فليكونوا لكم مرآةً للعبرة، واستمعوا إلى النصائح التي يقولها الدمار، وقارنوا مصيركم بمصيرهم، فلا السنّة الإلهيّة قابلة للتغيير ولا أنتم أقوى منهم!. "معشار": بمعنى واحد إلى عشرة. البعض إعتبرها "عُشر العُشر" أيّ واحد إلى