[14] مغنّية، وكانت تغنّيه ليل نهار فتشغله عن ذكر الله. يقول المفسّر الكبير الطبرسي (رحمه الله)، بعد ذكر سبب النّزول هذا: وقد روي حديث عن النّبي (صلى الله عليه وآله) في هذا الباب يؤيّد سبب النّزول أعلاه، لأنّه (صلى الله عليه وآله) قال: "لا يحلّ تعليم المغنّيات ولا بيعهن، وأثمانهنّ حرام، وقد نزل تصديق ذلك في كتاب الله: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ...)". التّفسير الغناء أحد مكائد الشياطين الكبيرة. الكلام في هذه الآيات عن جماعة يقعون تماماً في الطرف المقابل لجماعة المحسنين والمؤمنين الذين ذكروا في الآيات السابقة. الكلام والحديث هنا عن جماعة يستخدمون طاقاتهم من أجل بثّ اللاهدفية وإضلال المجتمع، ويشترون شقاء وبؤس دنياهم وآخرتهم! فتقول أوّلا: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضلّ عن سبيل الله بغير علم ويتّخذها هزواً)(1) ثمّ تضيف أخيراً: (اُولئك لهم عذاب مقيم). إنّ شراء لهو الحديث والكلام الأجوف إمّا أن يتمّ عن طريق دفع المال في مقابل سماع الخرافات والأساطير، كما قرأنا ذلك في قصّة النضر بن الحارث. أو أن يكون عن طريق شراء المغنّيات لعقد مجالس اللهو والباطل والغناء. أو صرف المال بأيّ شكل كان وفي أي طريق للوصول إلى هذا الهدف غير المشروع، أي لهو الحديث والكلام الفارغ. والعجيب أنّ عمي القلوب هؤلاء، كانوا يشترون الكلام الباطل واللهو بأغلى القيم والأثمان، ويعرضون عن الآيات الإلهية والحكمة التي منحهم الله إيّاها ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ ضمير "يتّخذها" يعود إلى (آيات الكتاب) التي وردت في الآيات السابقة. واحتمل البعض أنّه يعود إلى (السبيل)، لأنّ كلمة (السبيل) قد وردت في آيات القرآن بصيغة المذكّر تارةً، وبصيغة المؤنث تارةً اُخرى.