[488] ولكن من يستطيع أن ينكر هذه الحقيقة، وهي أن الأشعار البنّاءة والهادفة على امتداد التاريخ، خلقت طاقات كثيرة وحماسة قصوى، وربّما عبأت اُمة مغلوبة بوجه أعدائها، فشدتها على العدوّ فهزمته وانتصرت "بهذه الأشعار". وفي فترة نضوج الثورة الإسلامية رأينا بأم أعيننا كيف أثرت الأشعار الحماسية في نفوس الناس، فحركتهم وأثارتهم حتى جرت دماء الثورة في مفاصلهم، وجعلتهم صفاً واحداً وزلزلت قصور الأعداء وهزمتهم... كما نسأل: من يستطيع أن ينكر أن شعراً أخلاقياً ينفذ في أعماق الإنسان ويغيّر محتواه لدرجةً لا يبلغها كتاب علمي غزيز المحتوى... أجل، إن الشعر كما قال عنه النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) "إن من الشعر لحكمة وإنّ من البيان لسحراً".(1) وللكلمات الموزونة وإيقاعها ـ أحياناً ـ مضاء السيف ونفوذ السهم في قلب العدو... ففي بعض أحاديث الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) ـ في مثل هذه الأشعار ـ أنه قال: "... والذي نفس محمد بيده فكأنّما تنضحونهم بالنبل".(2) أجل... قال النّبي ذلك حين كان العدو يهجو المسلمين ليضعف معنوياتهم وروحيّاتهم، فأمر النّبي شعراء المسلمين أن يردّوا عليهم بالهجاء المقذع، لذمهم وتقوية روحيّة المسلمين. وقال(صلى الله عليه وآله وسلم) في شأن أحد الشعراء المدافعين عن الإسلام "أهجُهُمْ فإنّ جبرئيل مَعَكَ".(3) وخاصّة حين سأل كعب بن مالك "الشاعر المؤمنُ" الذي كان ينشد قصائد ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ نقل حديث الرّسول هذا جماعة كثيرة من علماء الشيعة والسنة في كتبهم "يراجع كتاب الغدير، ج 2، ص 9". 2 ـ مسند أحمد، ج 2، ص 260. 3 ـ مسند أحمد، ج 4،: ص 299 .