[52] وهذا أوّل لطف إلهي يناله الصالحون، فالمرحلة الأُولى من لذّة الإنسان المؤمن هي إحساسه بأنّ ما يعمله في سبيل الله إنّما هو بعين الله، ويا لها لذّة. وتضيف الآية : (وتزوّدوا فإنّ خير الزاد التقوى). هذه الآية أمرت بحمل الزاد. قيل : إن جماعة من أهل اليمن كانوا يحجّون دون أن يصحبوا معهم زاداً للطريق، قائلين : نحن ضيوف الله وطعامنا عليه. وهذه الفقرة من الآية أمرت بحمل الزاد، لأن الله سبحانه هيّأ للجميع طعامهم بالطرق الطبيعية. والآية تشير في الوقت نفسه إلى مسألة معنوية هي زاد التقوى، فهناك حاجة إلى زاد من نوع آخر هو "التقوى". والعبارة تنطوي على توعية المسلمين بالنسبة لعطاء الحجّ المعنوي وتفتّح أبصارهم على ما في ساحة الحجّ من معان عميقة تشدّ الإنسان بتاريخ الرسل و الأنبياء وبمشاهد تضحية إبراهيم بطل التوحيد، وبمظاهر عظمة الله سبحانه ممّا لا يوجد في مكان آخر، ولابدّ للحاج أن يستلهم من هذه الساحه زاداً يعينه على مواصلة مسيرته نحو الله فيما بقي من عمره. (واتقونِ يا أُولي الألباب)(1). الحديث موجّه إلى أُولي الألباب والعقول، والتركيز عليهم بانتهاج التقوى لأنهم هم القادرون على التزوّد كما ينبغي من العطاء التربوي لمناسك الحجّ، والآخرون لا ينالون منها سوى المظاهر والقشور. الآية التالية ترفع بعضالإشتباهات في مسألة الحجّ وتقول (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربّكم). ________________________________________ 1 ـ "الباب" جمع "لب"، ويقال للعقل الخالص "لب" أيضاً.