[40] جملة (فإن اُحصرتم فما استيسر من الهدي) ناظرة إلى حادثة (الحديبيّة) الواقعة في السنّة السادسة للهجرة حيث منع المسلمون من زيارة بيت الله الحرام(1). ففي هذه الآية ذُكرت أحكام كثيرة : 1 ـ في مطلع الآية تأكيداً على أنّ أعمال العمرة والحجّ ينبغي أن تكون لله وطلب مرضاته فقط (وأتمّوا الحجّ والعمرة لله) من هنا لاينبغي أن يشوب أعمال الحجّ نيّة اُخرى غير الدافع الإلهي وكذلك الإتيان بالعمل العبادي هذا كاملاً وتامّاً بمقتضى جملة (وأتمّوا). 2 ـ ثمّ أنّ الآية تشير إلى الأشخاص الّذين لا يحالفهم التوفيق لأداء مناسك الحجّ والعمرة بعد لبس ثياب الاحرام بسبب المرض الشديد أو خوف العدو وأمثال ذلك، فتقول (فإن اُحصرتم فما استيسر من الهدي) فمثل هذا الشخص عليه أن يذبح ما تيّسر له من الهدي ويخرج بذلك من احرامه(2). وعلى كلّ حال فإنّ الأشخاص الّذين منعهم مانع ولم يتمكنّوا من أداء مراسم الحجّ والعمرة فيمكنهم بالإستفادة من هذه المسألة أن يحلّوا من إحرامهم. ونعلم أيضاً أنّ الهدي يمكن أن يكون بعيراً أو بقرة أو خروفاً، وهذا الأخير أقلّ الهدي مؤنةً، ولهذا كانت جملة (فما استيسر من الهدي)تشير غالباً إلى الغنم. 3 ـ ثمّ أنّ الآية الشريفة تشير إلى أمر آخر من مناسك الحجّ فتقول : (ولا تحلقوا رؤوسكم حتّى يبلغ الهدي محلّه). فهل أنّ هذا الأمر يتعلّق بالأشخاص المحصورين الممنوعين من أداء مراسم ________________________________________ 1 ـ تفسير في ظلال القرآن، ج 1، ص 277. 2 ـ ذكر احتمالان في تفسير الآية، أحدهما أن "ما" في "ما استيسر" مبتدأ، وخبرها محذوف بتقدير "عليكم" فتكون الجملة "فعليكم ما استيسر من الهدي" والثاني أن "ما" مفعول لفعل مقدّر تقديره : "فاهدوا ما استيسر من الهدي".