[33] والمعتدي، ويُعطي الحقّ للمظلوم والمُعتدى عليه المقابلة بالمِثل، فالإستسلام في منطق الإسلام يعني الموت، والمقاومة والتصدّي هي الحياة. والجدير بالذكر أنّ مفهوم الآية يشمل دائرة وسيعة ولا ينحصر بمسألة القصاص في مقابل القتل أو الجنايات الاُخرى، بل يشمل حتّى الاُمور الماليّة وسائر الحقوق الاُخرى. وهذا طبعاً لايتعارض مع مسألة العفو والصفح عن الإخوان والأصدقاء النادمين. أحياناً يتصوّر بعض العوام أنّ معنى الآية هو أنّه لو قتلَ شخصٌ شخصاً آخر فإنّ معنى المقابلة بالمثل تبيح لأب المقتول أن يقتل ابن القاتل، وإذا ضرب أخاه فيجوز له أن يضرب أخا الضّارب، ولكن هذا اشتباه كبير، لأنّ القرآن يقول (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) لا الأفراد الأبرياء. وأيضاً لا ينبغي أن يتصوّر أنّ مفهوم الآية هو أنّه أن أقام شخص بإحراق بيت آخر فيجوز للمُعتدى عليه أن يقوم بحرق بيت المعتدي، بل مفهومه أن يؤدّي المعتدي ما يُعادل قيمة البيت المحترق إلى المُعتدى عليه. وعبارة (واتّقوا الله واعلموا أنّ الله مع المتّقين) تأكيد آخر على ضرورة عدم تجاوز الحدّ في الدّفاع والمقابلة، لأنّ الإفراط في المقابلة يُبعد المواجهة عن إطار التقوى. وقوله تعالى (واعلموا أن الله مع المتّقين) إشارة إلى أنّ الله لا يهمل المتقي في خِضمّ المشكلات، بل يعينه ويرعاه، لأنّ من كان مع شخص آخر فمفهومه أنّه يعينه في مشكلاته ويحميه مقابل الأعداء. * * *