[23] المسلمين : أنّه لا ينبغي لكم ترك قتال المشركين خوفاً من سفك الدماء فإنّ عبادة الأوثان أشد من القتل. وقد أورد بعض المفسّرين احتمالاً آخر، وهو أن يكون المراد من الفتنة هنا الفساد الإجتماعي من قبيل تبعيد المؤمنين من أوطانهم حيث تكون هذه الاُمور أحياناً أشد من القتل أو سبباً في قتل الأنفس والأفراد في المجتمع، فنقرأ في الآية (73) من سورة الأنفال قوله تعالى (إلاّ تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)أي إذا لم تقطعوا الرابطة مع الكفّار فسوف تقع فتنة كبيرة في الأرض وفساد عظيم. ثمّ تشير الآية إلى مسألة اُخرى في هذا الصدد فتقول : إنّ على المسلمين أن يحترموا المسجد الحرام دائماً وأبداً، ولذلك لا ينبغي قتال الكفّار عند المسجد الحرام،إلاّ أن يبدئوكم بالقتال (ولاتقاتلوهم عندالمسجد الحرام حتّى يقاتلوكم فيه). (فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين) لأنّهم عندما كسروا حرمة هذا الحرم الإلهي الآمن فلا معنى للسكوت حينئذ ويجب مقابلتهم بشدّة لكي لا يسيئوا الاستفادة من قداسة الحرم وإحترامه. ولكن بما أنّ الإسلام في منهجه التربوي للناس يقرن دائماً الإندار والبشارة معاً، والثواب والعقاب كذلك، لكي يؤثّر في المسلمين تأثيراً سليماً، فلذلك فسح المجال في الآية التالية للعودة والتوبة فقال (فإن انتهوا فإنّ الله غفور رحيم). أجل فلو أنّهم تركوا الشرك وأطفؤوا نيران الفتنة والفساد فسوف يكونون من إخوانكم، وحتّى بالنّسبة إلى الغرامة والتعوضيات الّتي تجب على سائر المجرمين بعد قيامهم للجريمة فإنّ هؤلاء المشركون معفون من ذلك ولا يشملهم هذا الحكم. وذهب البعض إلى أنّ جملة (فإن انتهوا) بمعنى ترك الشرك والكفر (كما ذكرناأعلاه).