[6] الكاذب (وأشكال الحيل في المعاملات والعقود التّجاريّة). ولكنّ الظاهر أنّ مفهوم الآية عام يستوعب جميع ما ذكرنا من المعاني للباطل لأنّ الباطل يعني الزّائل وهو شامل لما ذكر من المعاني، فلو ورد في بعض الرّوايات ـ كما عن الإمام الباقر (عليه السلام)أنّ معناه (القسم الكاذب) أو ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام)في تفسيره بـ (القمار) فهو في الواقع من قبيل المصاديق الواضحة له. فعلى هذا يكون كلّ تصرّف في أموال الآخرين من غير الطريق المشروع مشمولاً لهذا النهي الإلهي. وكذلك فهكذا أنّ جميع المعاملات الّتي لا تتضمّن هدفاً سليماً ولا ترتكز على أساس عقلائي فهي مشمولة لهذه الآية. ونفس هذا المضمون ورد في سورة النساء الآية 29 مع توضيح أكثر حيث تخاطب المؤمنين (يا أيُّها الَّذينَ آمَنوُا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوالَكُم بَينكُمْ بِالبِاطِلِ إلاّ تكونَ تجارةً عَن تراض مِنْكُمْ). إنّ إستثناء التّجارة المقترنة مع التراضي هو في الواقع بيان لمصداق بارز للمعاملات المشروعة والمبّاحة، فلا تنفي الهبة والميراث والهديّة والوصيّة وأمثالها، لأنّها تحققّت عن طريق مشروع وعقلائي. والملفت للنظر أنّ بعض المفسّرين قالوا : أنّ جعل هذه الآية مورد البحث بعد آيات الصوم (آيات 182 ـ 187) علامة على وجود نوع من الإرتباط بينهما، فهناك نهيٌ عن الأكل والشرب من أجل أداء عبادة إلهيّة، وهنا نهيٌ عن أكل أموال الناس بالباطل الّذي يعتبر أيضاً نوع من الصوم ورياضة النفوس، فهما في الواقع فرعان لأصل التقوى. ذلك التقوى الَّذي ورد في الآية بعنوان الهدف النّهائي للصوم(1). ولابدّ من ذكر هذه الحقيقة وهي أنّ التعبير بـ (الأكل) يُعطي معناً واسعاً حيث ________________________________________ 1 ـ اقتباس من تفسير في ظلال القرآن، ج 1، ص 252