[530] ويقولون أيضاً: إنّ الدعاء يتعارض مع حالة الإِنسان الراضي بقضاء الله المستسلم لإِرادته سبحانه! هؤلاء، ـ كما ذكرنا ـ يطلقون هذا التشكيك لجهلهم بالآثار التربوية والنفسية والإِجتماعية للدعاء، فالإِنسان بحاجة أحياناً إلى الملجأ الذي يلوذ به في الشدائد، والدعاء يضيء نور الأمل في نفس الإِنسان. من يبتعد عن الدعاء يواجه صدمات عنيفة نفسية واجتماعية. وعلى حد تعبير أحد علماء النفس المعروفين: "ابتعاد الاُمّة عن الدعاء يعني سقوط تلك الاُمّة! المجتمع الذي قمع في نفسه روح الحاجة إلى الدعاء سوف لا يبقى مصوناً عادة من الفساد والزوال. ومن نافلة القول أنه من العبث الإِكتفاء بالدعاء لدى الصباح وقضاء بقية اليوم كالوحش الكاسر، لابدّ من مواصلة الدعاء، ومن اليقظة المستمرة، كي لا يزول أثره العميق من نفس الإِنسان".(1) وأُولئك الذين يصفون الدعاء بأنه تخديري لم يفهموا معنى الدعاء، لأن الدعاء لا يعني ترك العلل والوسائل الطبيعية واللجوء بدلها إلى الدعاء، بل المقصود أن نبذل نهاية جهدنا للإِستفادة من كل الوسائل الموجودة، بعد ذلك إن انسدت أمامنا الطرق، وأعيتنا الوسيلة، نلجأ إلى الدعاء، وبهذا اللجوء إلى الله يحيى في أنفسنا روح الأمل والحركة، ونستمد من عون المبدأ الكبير سبحانه. الدعاء إذن لا يحل محل العوامل الطبيعية. "الدعاء ـ إضافة إلى قدرته في بث الطمأنينة في النفس ـ يؤدي إلى نوع من النشاط الدماغي في الإِنسان، وإلى نوع من الإِنشراح والإِنبساط الباطني وأحياناً إلى تصعيد روح البطولة والشجاعة فيه. الدعاء يتجلى بخصائص مشخصة فريدة ... صفاء النظرة، وقوة الشخصية، والإِنشراح والسرور، والثقة بالنفس، والإِستعداد ________________________________________ 1 ـ الدعاء، الطبيب وعالم النفس الشهير "الكسيس كاريل".