[54] الإِستفادة مِن الوعود والأُمنيات الكاذبة التي يطلقونها بمختلف الحيل، فهؤلاء الشياطين يعدّون مجموعة ماهرة وَمتمكنة مِن علماء النفس لغواية الناس البسطاء مِنهم والأذكياء، كلا بما يناسب وَضعه، ففي بعض الأحيان يصورون لهم حالهم بأنّهم سيصبحون قريباً مِن الدول المتمدنة والكبيرة، أو أنَّ شبابهم لا مثيل له، وَيستطيع الشباب في بلدانهم أن يصل مِن خلال إتباعه برامجهم إِلى أوج العظمة، وَهكذا في بلدانهم يغرقوهم في هذه الخيالات الواهية التي تتلخّص في جملة (وعدهم). في أحيان أُخرى يسلك الشياطين طريقاً معكوسة، إِذ يصوّرون للبلد بأنَّهُ لا يستطيع مُطلقاً مُواجهة القوى الكبرى، وأنّهم مُتأخرون عن هَذِهِ القوى بمائة عام أو أكثر، وَبهذا الأسلوب تُزرع المبررات النفسية لإِستمرار التخلف وعدم انطلاق جهود البلد الضعيف نحو العمل والبناء الحقيقي. بالطبع هَذهِ القصّة لها بدايات بعيدة، وَطرق نفوذ الشيطان فيها لا تنحصر بواحد أو اثنتين. وَلكنَّ (عباد الله) الحقيقيين والمخلصين، وَبالإِتكاء على الوعد القرآني القاطع بالنصر، والذي تضمنتُه هَذِهِ الآيات، سيقومون بمحاربة الشياطين وَلا يسمحون بالتردد يساور أنفسهم، وَهم يعلمون ـ برغم الأصوات الكثيرة للشياطين ـ أنّهم سينتصرون، وإنّهم بصبرهم وَصمودهم وبإيمانهم وَتوكلهم على الله سوف يُفشِلون الخطط الشيطانية، وَذلك قوله تعالى: (وَكَفى بربّك وَكيلا). 3 ـ أمّا لماذا خلق الله الشيطان؟ فقد بحثنا ذلك في الآية (39) مِن سورة البقرة. وَفيما يخص وَساوس الشيطان وَأشكالها وَلبوساتها، وَمعنى الشيطان في القرآن، فقد بحثنا كل ذلك في ذيل الآية (13) من سورة الأعراف. والآية (39) من سورة البقرة من هذا التّفسير. * * *