[46] 3 ـ ما العلاقة بين المنكرين سابقاً والمنكرين لاحقاً؟ قد يطرح أحياناً هَذا السؤال حيثُ يبيّن القرآن ـ في الآيات أعلاه ـ أنَّ السابقين اقترحوا معجزات معيّنة ثمّ لم يؤمنوا بعد وقوعها، بل استمروا في تكذيبهم وإنكارهم وَعِنادهم، لذا فقد أصبح هَذا سبباً لعدم إِجابة مقترحاتكم. والسؤال هُنا: هل أنَّ تكذيب السابقين يكون سبباً لحرمان الأجيال اللاحقة، أي كيف يُؤخذ هؤلاء بجريرة أُولئك؟ الجواب على هذا السؤال واضح مِن خلال ما ذكرناه أعلاه، حيثُ يسود هَذا التعبير وَيروج في أوساطنا، إِذ نقول ـ مثلا ـ لأحدهم: لا نستطيع أن نسلِّم بحججك، فإذا سأل الطرف الآخر: لماذا؟ فإنّنا نقول له: إِنَّ هُناك سوابق كثيرة لِهَذا العمل، فهناك مَن قدَّم اقتراحات إِلاَّ أنّهم لم يستسلموا للحق لما جاءهم، لذا فإنَّ وَضعكم وَظروفكم تشابه أُولئك. إِضافة لذلك، فإنّكم توافقون أُولئك الأقوام على أساليبهم، بل وَتدعمونها، وأثبتم عملياً أنّكم لا ترغبون في البحث عن الحق والحقيقة، بل إنّ هدفكم هو مجرّد العناد والتحجج والبقاء في طور المعاذير، ثمّ تتبعون ذلك كلّه بالعناد والمكابرة والإِنكار، لذا فإِنَّ الرضوخ إِلى مُقترحاتكم وإِجابتها لا معنى له. فهؤلاء القوم ـ مثلا ـ عِندما أخبرهم الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) بأنَّ أهل النّار يأكلون مِن شجرة تسمّى (زقوم) وَتخرج في أصل الجحيم وَلها أوصاف معينة، بدأوا بالسخرية والإِستهزاء ـ كما ذكرنا سابقاً ـ فالبعض مِنهم كان يقول: إِنَّ الزقوم هو التمر والسمن، وَبعض كان يقول: كيف تنمو الأشجار فيالجحيم المستعر مِن الحجارة؟ في حين أن المعنى واضح وَلا يحتاج إِلى مِثل هَذِهِ المكابرة والعناد، إِذ أنَّ الشجرة المقصودة لا تشبه أشجار هَذِهِ الدنيا. * * *