[43] أمية. ينقل الفخر الرازي في تفسيره رواية في هَذا المجال عن ابن عباس الذي أدرك الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) واشتهر في التاريخ الإِسلامي بكونه مُفسراً للقرآن الكريم. هَذا التّفسير يتلاءم مِن جهة مَع الرّواية التي ذكرناها أعلاه بخصوص رؤيا الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو أيضاً يتلاءم مَع الحديث المنقول عن عائشة والتي إلتفتت فيه إِلى مروان وَقالت لهُ: "لعن اللهُ أباكَ وَأنت في صلبه، فأنت بعض مَن لعنهُ الله"(1). وَلكن مرّة أُخرى يُطرح هَذا السؤال: في أي مكان مِن القرآن تمَّ لعن بني أمية باعتبارهم الشجرة الخبيثة؟ في الجواب نقول: لقد تمَّ ذلك في الآية (26) مِن سورة إبراهيم عِندَ الحديث عن الشجرة الخبيثة (وَمثلُ كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت مِن فوقِ الأرض ما لها مِن قرار). وَذلك للمفهوم الواسع للشجرة الخبيثة، وَلما وَرد من روايات في تفسيرها بأنَّ المقصود مِنها هم بنو أميّة، ثمّ إنَّ (الخبيثة) تقترن مِن حيث المعنى بـ (الملعونة)(2). وَجدير بالذكر هُنا، أنَّ الكثير مِن هَذِهِ التّفاسير أو كُلّها لا تتعارض فيما بينها، وَمِن الممكن أن تكون (الشجرة الملعونة) في القرآن إِشارة إِلى أي مجموعة مُنافقة وَخبيثة وَمطرودة مِن رحمة الله تعالى وَمقام الربوبية، خصوصاً تلك المجاميع مِثل بني أمية واليهود قساة القلب، والمعاندين وَكل الذين يسيرون على خُطاهم. وَشجرة الزقوم في القيامة تمثل الأشجار الخبيثة في العالم الآخر، وَكل هَذِهِ الأشجار الخبيثة (المجاميع المعنية) هي لاختبار وَتمحيص المؤمنين الصادقين في الحياة الدنيا. إِنَّ اليهود الذين سيطروا اليوم ـ زوراً وغصباً ـ على المقدسات الإِسلامية ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ تفسير القرطبي، المجلد السّادس، ص 3902; وَتفسير الفخر الرازي، المجلد 20، ص 237. 2 ـ يراجع تفسير نور الثقلين، المجلد الثاني، ص 538.