[33] أنَّ الله سبحانه لم يجعل هَذِهِ الأُمور سبباً لإِفتخاره، بل اعتبر كتاب الزّبور فخره، حتى يدرك المشركون أنَّ عظمة الإنسان، ليسَ لها علاقة بالمال وَالثروة وَوجود الحكومة والسلطة، كما أنّ اليتم والفقر ليس مدعاةً للذل أو دليلا على الحقارة. رابعاً: بعض اليهود قالوا: لا يمكن نزول كتاب سماوي آخر بعدَ موسى(عليه السلام)، والقرآن يقول لهم: إنّنا أعطينا داوُد زبوراً، فلماذا تتعجبون مِن نزول القرآن؟ (بالطبع كتاب داوُد كان كتاباً للأخلاق وَليسَ للأحكام، وَلكِنَّهُ نَزَلَ من الله سبحانه وَتَعالى بعدالتّوراة). في كل الأحوال، ليسَ هُناك مِن مانع أن تكون النقاط الأربع أعلاه سبباً لإنتخاب داوُد وَزبوره مِن بين جميع الأنبياء، وَجميع الكتب السماوية. الآية التي تليها تستمر في اتجاه الآيات السابقة، إِذ تقول للرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) أن يخاطب المشركين بقوله تعالى: (قل ادعوا الذين زعمتم مِن دونه فلا يملكون كشف الضرّ عنكم وَلا تحويلا). إِنَّ هَذِهِ الآية ـ في الحقيقة، كما في آيات أُخرى كثيرة ـ تبطل مَنطق المشركين وَتضرب، صميم عقيدتهم مِن هَذا الطريق، وَهو أنَّ عبادة الآلهة مِن دون الله، إمّا بسبب جلب المنفعة أو دَفع الضرر، في حين أنَّ الآلهة التي يعبدونها لَيس لها القدرة على حل مُشكلة معينة أو حتى تحريكها; أي نقل المشكلة مِن مستوى معين إِلى مستوى أقل. لذا فإنَّ ذكر جملة (وَلا تحويلا) بعد قوله (فلا يملكون كشف الضرّ) إشارة إِلى أنّ هؤلاء ليست لهم القدرة للتأثير الكامل في حل المشاكل بشكل نهائي، وَلا القدرة للتأثير الناقص في تغيير هَذِهِ المشاكل وَحلَّها بشكل جزئي. "زعمتم" مأخوذة مِن "زعم" وَهي عادة ما تعني المعنى الناقص، لذا نُقل عن ابن عباس أنَّهُ متى ما جاءت كلمة (زعم) في القرآن فإنّها تعني الكذب والعقائد الباطلة.