[26] بسبب التعجُّب. ما يقصده هؤلاء مِن سؤالهم ـ في الواقع ـ هو قولهم: لو اعترفنا بقدرة الخالق على إعادة بعث الإِنسان مِن التراب مِن جديد، فإنَّ هذا يبقى مجرّد وَعد لا ندري مَتى يتحقق، إِذا كانَ سيحصل هَذا في آلاف أو ملايين السنين القادمة فما تأثيره في يومنا هَذا ... إِنَّ المهم أن نتحدَّث عن الحاضر لا عن المستقبل!! ويجيب القرآن بقوله: (قل عسى أن يكون قريباً) إِن يوم المعاد ـ طبعاً ـ قريب، لأنَّ عمر العالم والحياة على الأرض، مهما طالت، فإنّها في قبال الحياة الأبدية تعتبر لا شيء، إذ هي مجرّد لحظات سريعة وَعابرة وسرعان ما تنتهي. إضافة إِلى ذلك، فإِنَّ القيامة إِذا كانت في تصوراتنا المحدودة بعيدة فإنَّ مقدمة القيامة والتي هي الموت، تعتبر قريبة منّا جميعاً، لأنَّ الموت هو القيامة الصغرى (إذا ماتَ الإِنسان قامت قيامته)، صحيح أنَّ الموت لا يمثل القيامة الكبرى، وَلكنَّه علامة عليها ومذكّر بها. كما إنَّ استخدام كلمة "عسى" في الآية الشريفة هو إشارة إِلى أنَّ لا أحد يعرف ـ وَبدقة ـ متى تقوم القيامة؟ حتى شخص الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، وَهَذا الأمر هو مِن أسرار الكون والخليفة التي لا يعلمها سوى الله تبارك و تعالى. في الآية التي بعدها إشارة إِلى بعض خصوصيات القيامة في قوله تعالى: (يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده) أي إن بعثكم يكون يوم يدعوكم من القبور فتمتثلون لأمره طوعاً أوكرهاً، والآية ـ بالطبع ـ تتحدث عن خصوصية يوم القيامة لا عن موعد القيامة. في ذلك اليوم ستظنون أنّكم لبتثم قليلا في عالم ما بعد الموت (البرزخ) وَهو قوله تعالى: (وَتظنون إِن لبثتم إِلاَّ قليلا) إِنَّ هذا الإِحساس سيطغى على الإِنسان في يوم القيامة، وَهو يظن أنَّهُ لم يلبث في عالم البرزخ إِلاَّ قليلا، بالرغم مِن طول الفترة التي قضاها هُناك، وَهَذِهِ إشارة إِلى أنَّ حياة البرزخ لا تعتبر في مدتها شيئاً