[459] حول المقصود بها، إِذ هل هو المعنى العام أو الخاص؟ ويمكن أن نلاحظ هنا بعض هذه الآراء: * البعض يعتقد أنّ المخاطب بالآية جميع المؤمنين والمسلمين، والغرض هو الحث على أداء حقوق الأقرباء. * البعض الآخر يرى أنَّ المخاطب في الآية هو الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، والغرض هو إِيصال حقوق أقرباء النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) كخمس الغنائم، أو غيرها ممّا يتعلق بها الخمس. أو بصورة عامّة تأدية كل الحقوق التي لهم في بيت المال. لذلك نرى في روايات عديدة عند الشيعة والسنة إِنّ رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) بعث إِلى فاطمة(عليها السلام) بعد نزول هذه الآية، ووهبها فدكاً(1). ففي مصادر السنة مثلا نقرأ عن أبي سعيد الخُدري ا لصحابي المعروف: "لما نزل قوله تعالى: (وآت ذا القربى حقه) أعطى رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) فاطمة فدكاً"(2). ويستفاد مِن بعض الرّوايات، أنَّ الإِمام زين العابدين(عليه السلام) أثناء سيره إِلى الشام بعد واقعة كربلاء، استدلَّ بهذه الآية (وآت ذا القربى حقه) في التعريف بنفسه وأهل بيته وعيال أبيه الحسين(عليه السلام)، بأنّهم المعنيين بقوله تعالى، فيما كانَ أهل الشام يغمطونهم هذا الحق!(3). ولكن ـ كما أشرنا سابقاً ـ ليس هناك تعارض بين هذين التّفسيرين، فالكل مكلفون بإِيتاء حقوق ذوي القربى، والرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) الذي اعتبر قائداً للأُمّة ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ فدك أرض معمورة وخصبة، كانت بالقرب مِن خبير وعلى بعد (140) كم عن المدينة المنورة، وفدك بعد خبير كانت مركزاً لاستقرار يهود الحجاز ]يراجع كتاب: مراصد الإِطّلاع. موضوع فدك [. وبعد أن استسلم اليهود للنّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بدون حرب، أعطى الرّسول هذه الأرض إِلى فاطمة الزّهراء(عليها السلام) وذلك وفقاً للوقائع التأريخية الثابتة لدى الجميع، لكنّها صودرت بعد وفاة رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) ولأسباب سياسية وبقيت في أيدي الخلفاء إِلى أن أعادها عمر بن عبد العزيز أيّام خلافته إِلى العلويين. 2 ـ نقل هذا الحديث "البذار" و"أبو يعلى" و"ابن أبي حاتم" و"ابن مردوية" عن"أبي سعيد" ]لاحظ كتاب ميزان الإِعتدال المجلد الثّاني صفحة (288) وكنز العمال المجلد الثّاني صفحة (158) [ وقد ورد هذا الحديث أيضاً في تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي عند حديثه عن هذه الآية، وفي الدر المنثور أيضاً وقد أخرجه عن طريق السنة والشيعة معاً. 3 ـ راجع تفسير نور الثقلين، ج 3، ص 255.