[443] الإِيمان، السعي والعمل ووضع الآخرة ومنازلها نصب أعينهم. وتعتبر هذه الآيات ـ أيضاً ـ تأكيداً ثانياً لدعوة القرآن إِلى أفضل السبل وأكثرها إِستقامة. في البداية تبدأ هذه الآيات بالتوحيد وتقول: (لا تجعل مع اللّه إِلهاً آخر) إنّها لم تقل: لا تعبد مع اللّه إِلهاً آخر، بل تقول: (لا تجعل) هذا اللفظ أشمل وأوسع، إِذ هو يعني: لا تجعل معبوداً آخر مع اللّه لا في العقيدة، ولا في العمل، ولا في الدعاء، ولا في العبودية. بعد ذلك توضح الآية النتيجة القاتلة للشرك: (فتقعد مذموماً مخذولا). إِنَّ استعمال كلمة "القعود" تدل على الضعف والعجز، فمثلا يقال: قَعَدَ به الضعف عن القتال. وَمِن هذا التعبير يُمكن أن نستفيد أنَّ للشرك ثلاثة آثار سيئة جدّاً في وجود الإِنسان، هي: 1 ـ الشرك يؤدي إِلى الضعف والعجز والذّلة، في حين أنَّ التوحيد هو أساس الحركة والنهوض والرفعة. 2 ـ الشرك موجب للذم واللوم، لأنَّهُ خط انحرافي واضح في قبال منطق العقل، ويعتبر كفراً واضحاً بالنعم الإِلهية، لذا فالشخص الذي يسمح لنفسه بهذا الإِنحراف يستحق الذم. 3 ـ الشرك يكون سبباً في أن يترك اللّه سبحانه وتعالى الإِنسان إِلى الأشياء التي يعبدها، ويمنع عنهُ حمايته، وبما أنَّ هذه المعبودات المختلفة والمصطنعة لا تملك حماية أي إِنسان أو دفع الضرر عنه، ولأنَّ اللّه لا يحمي مثل هؤلاء، لذا فإِنهم يصبحون "مخذولين" أي بدون ناصر ومعين. إِنَّ هذا المعنى يتّضح بشكل آخر في آيات قرآنية أُخرى، إِذ نقرأ مثلا في الآية (41) من سورة العنكبوت: (مثل الذين اتّخذوا مِن دون اللّه أولياء كمثل العنكبوت اتّخذت بيتاً، وإِنَّ أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون). بعد تبيان هذا الأصل التوحيدي، تشير الآيات إِلى واحدة مِن أهم توجيهات