[440] يريد العاجلة ...) هو خطاب لأُولئك الذين يستهدفون هذه الحياة العادية الزائلة، ويقفون عندها. وعادةً فإِن استخدام تعابير "المزرعة" أو "المتجر" وما شاكلهما في تشبيه الحياة الدنيا ووصفها، يعتبر دليلا حياً على هذا الموضوع. وخلاصة القول: إِنَّهُ إِذا تمت الإِستفادة مِن مواهب الدنيا وعطاياها التي تُعتبر مِن النعم الإِلهية; ويعتبر وجودها ضرورياً في نظام الخلق والوجود، وتمت الإِستفادة في سعادة الإِنسان الأخروية وتكامله المعنوي، فإِنَّ ذلك يعتبر أمراً جيداً، وتمتدح معه الدنيا. أمَّا إِذا اعتبرناها هدفاً لا وسيلة، وأبعدناها عن القيم المعنوية والإِنسانية، عندها سَيُصاب الإِنسان بالغرور والغفلة والطغيان والبغي والظلم. وما أجمل وصف الإِمام علي(عليه السلام) للدنيا حينما يقول: "مَن أَبصر بها بصرته، ومَن أَبصر إِليها أعمته"(1). وفي أنَّ الفرق بين الدنيا المذمومة والدنيا الممدوحة، هو نفس الفرق الذي نستفيده، بين "إِليها" و"بها"، إِذ تعني الأُولى أنَّ الدنيا هدف، بينما تعني الثّاني أنّها مجرد وسيلة! ثانياً: دور السعي في تحقيق المكاسب: هذه ليست المرّة الأُولى التي يشيد فيها القرآن بالسعي والجهد ودورهما في تحقيق المكاسب، وبعكسه يُحذَّر الأشخاص العاطلين والكُسالى بأنَّ السعادة الأخروية لا يمكن ضمانها بالكلام المجرد، والتظاهر بالإِيمان، بل الطريق يتمثل بالسعي وبذل الجهود. وهذه الحقيقة واضحٌ مفادها في الكثير مِن الآيات القرآنية. ففي سورة ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ يراجع نهج البلاغة، الخطبة رقم (82).