[57] وحيث أنّ هذا قانون كلّي وعام فإنّ القرآن يقول مباشرةً (إِنّ في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة). لانّ الدنيا لا تعدُّ شيئاً إِزاء الآخرة، وجميع ما في الدنيا حقير حتى ثوابها وعقابها، والعالم الآخر أوسع ـ من جميع النواحي ـ من هذه الدنيا. فالمؤمنين بيوم القيامة يعتبرون لدى مشاهدة واحد من هذه المُثُل والنماذج في الدنيا، ويواصلون طريقهم. وفي ختام الآية إِشارة الى وصفين من أوصاف يوم القيامة حيث يقول القرآن (ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود). هي إِشارة الى أنّ القوانين والسنن الإِلهية كما هي عامّة في هذا العالم، فإنّ اجتماع الناس في تلك المحكمة الإِلهية أيضاً عام، وسيكون في زمان واحد ويوم مشهود للجميع يحضره الناس كلّهم ويرونه. من الطريف هنا أنّ الآية تقول (ذلك يوم مجموع له الناس) ولم تقل "مجموع فيه الناس" وهذا التعبير إِشارة الى أنّ يوم القيامة ليس ظرفاً لإِجتماع الناس فحسب، بل هو هدف يمضي إِليه الناس في مسيرهم التكاملي. ونقرأ في الآية (9) من سورة التغابن (يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يومُ التغابن). وبما أنّ البعض قد يتوهم أنّ الحديث عن ذلك اليوم لم يحن أجله فهو نسيئة وغير معلوم وقت حلوله، لهذا فإنّ القرآن يقول مباشرة: (وما نؤخره إِلاّ لأجل معدود). وذلك أيضاً لمصلحة واضحة جليّة ليرى الناس ميادين الإِختبار والتعلم، وليتجلى آخر منهج للأنبياء وتظهر آخر حلقة للتكامل الذي يمكن لهذا العالم أن يستوعبها ثمّ تكون النهاية. والتعبير بكلمة "معدود" إِشارة الى قُرب يوم القيامة، لأنّ كل شيء يقع تحت