[41] الإِقتصادي الذي كان عليه قوم شعيب، لكن كليهما يتشابهان في توليد الفساد في المجتمع والإِخلال بالنظام الإِجتماعي وإِماتة الفضائل الخُلقية وإِشاعة الإِنحراف، ومن هنا نجد في الرّوايات أحياناً مقارنة الدرهم الربوي المرتبط ـ بالطبع ـ بالمسائل الإِقتصادية بالزنا الذي هو تلوّث جنسي(1). ثمّ يأمر شعيب قومه الضالين بشيئين هما في الواقع ما كان يؤكّد عليه جميع الأنبياء المتقدمين. الأوّل: قوله: (واستغفروا ربّكم) أي لتطهروا من الذنوب وتجتنبوا الشرك وعبادة الأوثان والخيانة في المعاملات. والثّاني: قوله: (ثمّ توبوا إِليه) أي ارجعوا إِليه. والواقع أنّ الإِستغفار توقف في مسير الذنب وغسل النفس، والتوبة عودة إِلى الله الكمال المطلق. واعلموا أنّه مهما يكن الذنب عظيماً والوزر ثقيلا فإنّ طريق العودة إِليه تعالى مفتوح وذلك لأنّ (ربّي رحيم ودود). وكلمة "الودود" صيغة مبالغة مشتقّة من الود ومعناه المحبّة، وذكر هذه الكلمة بعد كلمة "رحيم" إِشارة إِلى أنّ الله يلتفت بحكم رحمته إِلى المذنبين التائبين، بل هو إِضافة إِلى ذلك يحبّهم كثيراً لأنّ رحمته ومحبته هما الدافع لقبول الإِستغفار وتوبة العباد. * * * ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ ينبغي ذكر هذه المسألة أيضاً وهي أنّ جملة (لا يجرمنّكم) ذات احتمالين: الأوّل: بمعنى لا يحملنكم، ففي هذه الصورة تكون على النحو التالي لا يجرمن فعل و(شقاقي) فاعله، و"كم" الضمير المتصل بالفعل مفعول به أوّل و(أن يصيبكم) مصدر مؤول مفعول ثان فيكون معنى الآية: يا قوم لا يحملنكم شقاقي (مخالفتكم إِياي) أن يصيبكم مصير كمصير قوم نوح وأمثالهم من الأقوام المذكورين. الإِحتمال الثّاني: أنّ (لا يجرمنكم) أي لا يجرنكم إِلى الذنب والإِجرام، ففي هذه الصورة تكون الجملة على النحو التالي، و"لا يجرمن" فعلٌ و(شقاقي) فاعله و"كم" مفعوله و(أنى يصيبكم) نتيجته، ويكون معنى الآية كما ذكرناه في المتن.