/صفحة 21 / قوله تعالى: " أم لهم سلم يستمعون فيه فليأت مستمعهم بسلطان مبين " السلم المرقاة ذات الدرج التي يتوسل بالصعود فيه إلى الامكنة العالية، والاستماع مضمن معنى الصعود، والسلطان الحجة والبرهان. والمعنى: بل أعندهم سلم يصعدون فيه إلى السماء فيستمعون بالصعود فيه الوحي فيأخذون ما يوحى إليهم ويردون غيره؟ فليأت مستمعهم أي المدعي للاستماع منهم بحجة ظاهرة. قوله تعالى: " أم له البنات ولكم البنون " قيل: فيه تسفيه لعقولهم حيث نسبوا إليه تعالى ما أنفوا منه. قوله تعالى: " أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون " قال الراغب: الغرم - بالضم فالسكون - ما ينوب الانسان في ماله من ضرر لغير جناية منه أو خيانة انتهى والاثقال تحميل الثقل وهو كناية عن المشقة. والمعنى: بل أتسألهم أجرا على تبليغ رسالتك فهم يتحرجون عن تحمل الغرم الذي ينوبهم بتأدية الاجر؟ قوله تعالى: " أم عندهم الغيب فهم يكتبون " ذكر بعضهم أن المراد بالغيب اللوح المحفوظ المكتوب فيه الغيوب والمعنى: بل أعندهم اللوح المحفوظ يكتبون منه ويخبرون به الناس فما أخبروا به عنك من الغيب الذي لا ريب فيه. وقيل: المراد بالغيب علم الغيب، وبالكتابة الاثبات والمعنى: بل أعندهم علم الغيب فهم يثبتون ما علموه شرعا للناس عليهم أن يطيعوهم فيما أثبتوا، وقيل: يكتبون بمعنى يحكمون. قوله تعالى: " أم يريدون كيدا فالذين كفروا هم المكيدون " الكيد ضرب من الاحتيال على ما ذكره الراغب، وفي المجمع: الكيد هو المكر، وقيل هو فعل ما يوجب الغيظ في خفية. انتهى. ظاهر السياق أن المراد بكيدهم هو مكرهم بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بما رموه به من الكهانة والجنون والشعر والتقول ليعرض عنه الناس ويبتعدوا عنه فتبطل بذلك دعوته وينطفئ نوره، وهذا كيد منهم ومكر بأنفسهم حيث يحرمون لها السعادة الخالدة والركوب على