[ 412 ] لهم رجلاً يدعى "طالوت" لانه يمتاز ببعض المميزات والصفات الإيجابية الموجودة فيه بتفاصيل قد تخرج عن موضوع هذا البحث. وعندما جاء طالوت بذلك الجيش العظيم من بني إسرائيل لحرب جالوت أدرك جيداً بفراسة من الله تعالى أنّ هذا الجيش العظيم غير قابل للاعتماد، لانه رأى كثيراً من أفراده يعيشون حالة الكسل والخمول وعدم الهمة، فمضافاً إلى أنّ وجودهم ليس فقط لا يبعث على تقوية الجيش، بل سيؤدي إلى تضعيف روحية الآخرين أيضاً، لذا عزم على تصفية جيشه بالعديد من الاختبارات والامتحانات، وبعد أن نجح في ذلك وأتم اختباره لجيشه لم يبق منه إلاّ عدّة قليلة. وهذه الفئة القليلة كانت تعيش القلق والاضطراب من قلّة الأفراد، فكان أحدهم يقول للآخر : نحن لا نستطيع مقاومة جيش جالوت العظيم ولا نتمكن من الصمود أمام قوته وجحافله، ولكنَّ البعض منهم كما يقول القرآن الكريم (قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنـَّهُم مُّلقُواْ اللَّهِ كَم مِّن فِئَة قَلِيلَة غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)(1). ثمّ إن هذه الفئة القليلة عندما برزوا لجالوت دعوا الله تعالى أن يرزقهم حسن الصبر كما تقول الآية : (وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى ا لْقَوْمِ ا لْكَافِرِينَ)(2). وعلى هذا فقد اثبتوا أنّ الجماعة الكثيرة للجنود والجيش العظيم إذا كانوا فارغين من الدوافع المعنوية والاستقامة والصبر فإنّهم سينالهم الفشل الذريع في ميدان القتال، بخلاف الفئة القليلة، الّتي تعيش الاستقامة والصبر والثبات فإنه يمكنها الانتصار على الجيش العظيم في العدّة والعدد، وبذلك استطاعت هذه العدّة القليلة مع قائدهم طالوت بالانتصار على جالوت وجنوده الكثيرين ويهزموهم شرَّ هزيمة، وهناك قتل داود الّذي كان شاباً قوياً في جيش طالوت، "جالوت" واستطاع بنو إسرائيل العودة إلى ديارهم وأهليهم فتخلصوا من 1. سورة البقرة، الآية 249. 2. سورة البقرة، الآية 250.