فقد سبق الجواب عنه بما فيه كفاية تغنى عن إعادته وليس مرادنا من إطلاق لفظ الكلام غير المعنى القائم بالنفس وهو ما يجده الإنسان من نفسه عند قوله لعبده ايتنى بطعام أو اسقنى بماء وكذا في سائر اقسام الكلام وهذه المعانى هى التي يدل عليها بالعبارات وينبه عليها بالإشارات وإنكار تسميته أو كونه كلاما مما لا يستقيم نظرا إلى الإطلاق الوضعى فإنه يصح أن يقال في نفسى كلام وفي نفس فلان كلام ومنه قوله تعالى ويقولون في انفسهم ومنه قول الشاعر ... إن الكلام لفى الفؤاد وإنما ... جعل اللسان على الفؤاد دليلا ... .
وهذا الإطلاق والاشتهار دليل صحة إطلاق الكلام على ما في النفس ولا نظر إلى كونه أصليا فيه أو فيما يدل عليه من العبارات أو فيهما كيف وإن حاصل هذا النزاع ليس إلا في قضية لغوية وإطلاقات لفظية ولا حرج منها بعد فهم المعنى .
ثم لا سبيل إلى تفسير ذلك المعنى بالإرادة ولنفرض الكلام في الأمر فإنها اما أ أن تكون الإرادة للامتثال أو لاحداث الصيغة أو لجعلها دالة على الأمر على ما هو مذهبهم لا سبيل إلى القول بالأول فإنه قد يؤمر بما ليس بمراد أن يمتثل وذلك كما في تكليف أبى جهل بالإيمان مع عدم إرادة وقوعه منه بل كما في حالة السيد المتوعد من جهة السلطان على ضرب عبده إذا اعتذر إليه بأنه يخالف امره وامره بين يدى السلطان طالبا بسط عذره وهربا من عذاب السلطان له فإنا نعلم أنه لا يريد الامتثال من العبد لما يلزمه من المحذور المتوقع