مأمورا به وما علم وجوده فليس بمراد الانتفاء وإن كان منهيا عنه وإلا كان فيه إبطال أخص وصف الإرادة وهو تاتي التمييز بها وهو ممتنع وأما ما يطلق عليه اسم الإرادة مع عدم حصول التمييز به فليس في الحقيقة إرادة بل شهوة وتمنيا فإذا الارادة اعم من الأمر من جهة أنها توجد ولا أمر والأمر أعم منها من جهة أنه قد يكون ولا إرادة وليس ولا واحد منهما يلزم الآخر لزوما معاكسا ولا غير معاكس وعند ذلك فلا يلزم من الأمر بالوجود وإرادة العدم ما تخيلوه من التناقض وعلى هذا القول في النهى أيضا .
ثم كيف ينكر ذلك مع الاعتراف بتكليف أبى جهل بالإيمان من غير إرادة له وبما ظهر من قصة إبراهيم في تكليفه بذبح ولده كما يأتي تحقيقه فيما بعد إن شاء الله تعإلى فإذا ليس ثمرة الأمر امتثال ما أمر به بل من الجائز أن تكون له ثمرة أخرى وعند ذلك فلا يكون عبثا ولا متناقضا كما في هذه الصور ولهذا قال بعض الأصحاب إنه لو علم من أحد من الامة أنه لو كلف بخصله من خصال الخير لم يأت بها ولو ضوعفت عليه لم يقصر عنها فإنه إذا امر بالضعف كان امرا صحيحا وإن لم يكن ما أمر به مرادا وذلك على نحو امر النبى A ليلة المعراج بالصلوات هذا كله إن قيل برعاية الصلاح وإلا فلا حاجة إلى هذا التكليف ولا غرض في هذا التعبد وما قيل من انه يفضى إلى التكليف بما لا يطاق فذلك مما لا نأباه وسنبين وجه جوازه فيما بعد إن شاء الله .
وما أشير إليه من الظواهر الدالة على نفى الإرادة والرضى للقبح والفساد مما لا يسوغ التمسك بها في مسائل الأصول إذ هي مع ما يقابلها من ظواهر أخرى ممكنة التأويل جائزة التخصيص والمقطوع لا يستفاد من المظنون كيف وإن القول بموجبها متجه ههنا فإنا لا نعترف