قيام الحوادث بذات الرب تعالى فيما بعد إن شاء الله تعالى فتعين أن يكون الرب تعالى مريدا بإرادة قديمة قائمة بذاته وهو ما أردناه .
فإن قيل فلو كان المخصص قديما لانقلب ما ذكرتوه في امتناع إضافة التخصيص إلى ذات واجب الوجود عليكم فيما تدعونه مخصصا فإنه إذا كان قديما فنسبة الأحوال والأوقات والأضداد وكل ما يقدر بالإضافة إليه على وتيرة واحدة فما خصصه بزمان الحدوث إن افتقر إلى مخصص آخر فالكلام في ذلك المخصص الثاني كالكلام في الأول وذلك يفضى إلى التسلسل وهو ممتنع وإن لم يفتقر إلى مخصص آخر فما هو جواب لكم في الإلزام ههنا أي في الإرادة هو جواب لنا في الذات .
قلنا قد بينا أنه لابد من إرادة قديمة كان بها التخصيص وليس ما ذكرناه في إبطال التخصيص بالذات مما ينقلب في الإرادة فإنه إذا قال القائل لم خصصت الإرادة هذا الحادث بزمان حدوثه وليس هو بأولى مما قبله أو بعده كان السؤال في نفسه خطأ من جهة أن الإرادة عبارة عما يتأتى به التخصيص للحادث بزمان حدوثه لا ما يلازمه التخصيص فإذا قيل لم كانت الإرادة مخصصة فكأنه قال لم كانت الإرادة إرادة وهو في نفسه محال وهذا كما لو قال لم كان الواجب بذاته لا يفتقر إلى علة والممكن بذاته يفتقر إلى علة في كل واحد من طرفيه فإنه يقبل من حيث إن سؤاله يتضمن القول بأنه لم كان الواجب واجبا ولم كان الممكن ممكنا فإن الواجب هو عبارة عما لا يفتقر إلى غيره في وجوده والممكن بعكسه وهو مما لا يخفى وجه فساده وهو لا محالة إن