وأما منع وقوع الإجماع فيما نحن فيه فبعيد لما أسلفناه والنكير وإن كان وقوعه بالنظر إلى العقل جائزا لكنه بالنظر إلى العادة مستحيل من جهة امتناع وقوع التواطؤ على ترك نقله مع توفر الدواعى والصوارف إليه وليس فى قول عمر ما يدل على انتفاء وقوع الإجماع على وجوب الإمامة كما هو مقصدنا بل وليس فيه أيضا دلالة على انتفاء وقوع الإجماع على تعيين أبى بكر أيضا فإنه لا مانع من وقوع الإجماع على ذلك بعينه وإن قدر الاختلاف فى التعيين .
وعدم الاطلاع على مستند الإجماع فإنما يكون قادحا أن لو كان ذلك مما تدعوا الحاجة إليه وتتوفر الدواعى على نقله وليس كذلك فإنه مهما تحقق الاتفاق واستقر الوفاق وظهر دليل وجوب اتباعه وقع الاكتفاء به عن مستنده ولم يبق نظر إلا فى موافقته ومخالفته ومع عدم الحاجة إلى النظر فى المستند لكون الوفاق قد صار واجبا حتما ولازما جزما لم تنصرف الدواعى إلى نقله ولم تتوفر البواعث على اتباعه فلا يكون عدم الإطلاع عليه إذ ذاك قادحا كيف وإنه لا يبعد أن يكون مما لا يمكن نقله بل يعلمه من كان فى زمن النبى عليه السلام ومشاهدا له بقرائن أحوال وإشارات ثم أقوال وأفعال إلى غير ذلك من الأمور التى لا يمكن معرفتها إلا بالمشاهدة والعيان