والجواب هو أن وقوع الاتفاق من الأمة على وجوب الصلوات الخمس وصوم رمضان وغير ذلك من الأحكام يكر على مقالتهم فى منع تصوره بالإبطال وما يتخيل من امتناع الاتفاق عليه كما فرض من القيام والقعود والأكل والشرب وغير ذلك فليس إلا لعدم الصارف والباعث له وإلا فلو تحقق الصارف لهم إلى ذلك لم يكن بالنظر إلى العادة ممتنعا ولا محالة أن الأمة متعبدون باتباع النصوص والأدلة الورادة من الكتاب والسنة ومعرضون للعقاب على تركها وإهمال النظر إليها فغير بعيد أن يجدوا أنها تصرف دواعيهم إلى الحكم بمدلوله وتبعثهم على العمل بمقتضاه ويعرف ذلك منهم بمشافهة أو نقل متواتر كما عرف أن مذهب جميع الفلاسفة الإلهيين نفى الصفات وكما عرف التثليث من مذهب النصارى والتثنية من مذهب جميع المجوس إلى غير ذلك من الأمور المتفق عليها .
وإن اتفق أن كان ذلك مستندا إلى قول واحد والكل فى اتفاقهم له مقلدون وعليه معتمدون كما علم من أصحاب الشافعى الاتفاق على منع قتل المسلم بالذمى والحر بالعبد ونحوه وكما علم من اتفاقهم ان ذلك هو مذهب إمامهم فكذلك نعرف من اتفاق الأمة أن ذلك مستند إلى قول نبيهم بل ومعرفة ذلك من إجماع الصدر الأول يكون أقرب وأولى فإنهم لم يكونوا بعد قد انتشروا فى البلاد ولا تناءت بهم الأبعاد ولم يكن عددهم مما يخرج عن الحصر لا سيما أهل الحل والعقد منهم .
وتخيل الرجوع من الأمة عما اتفقوا عليه متعذر لضرورة الخطأ فى أحد الإجماعين وقد دل السمع والعقل على امتناعه ورجوع بعضهم وإن كان جائزا فغير قادح لكونه مخصوما ومحجوجا بما تقدم من الإجماع السابق الذى دل العقل والسمع على