ولذلك من نظر بعين الاعتبار وحلى نحره بالأخبار وسلك طريق الرشاد وجانب الهوى والعناد لم يجد من نفسه الاختلاج بمخالفة شئ من ذلك أصلا .
ثم والذى يؤكد ذلك النظر إلى مستند الإجماع فإنا نعلم أن مقصود الشارع من أوامره ونواهيه فى جميع موارده ومصادره من شرح الحدود والمقاصات وشرع ما شرع من المعاملات والمناكحات وأحكام الجهاد وإظهار شعائر الإسلام فى أيام الجمع والأعياد إنما هو لاصلاح الخلق معاشا ومعادا وذلك كله لا يتم إلا بإمام مطاع من قبل الشرع بحيث يفوضون أزمتهم فى جميع أمورهم إليه ويعتمدون فى سائر أحوالهم عليه فأنفسهم مع ما هم عليه من اختلاف الاهواء وتشتت الآراء وما بينهم من العداوة والشحناء قلما تنقاد بعضهم لبعض ولربما أدى ذلك إلى هلاكهم جميعا .
والذى يشهد لذلك وقوع الفتن واختباط الأمم عند موت ولاة الأمر من الأئمة والسلاطين إلى حين نصب مطاع آخر وأن ذلك لو دام لزادت الهوشات وبطلت المعيشات وعظم الفساد فى العباد وصار كل مشغولا بحفظ نفسه تحت قائم سيفه وذلك مما يفضى إلى رفع الدين وهلاك الناس أجمعين ومنه قيل الدين أس والسلطان حارس الدين والسلطان توأمان .
فإذا نصب الإمام من أهم مصالح المسلمين وأعظم عمد الدين فيكون واجبا حيث عرف بالسمع أن ذلك مقصود للشرع وليس مما يمكن القول بوجوبه عقلا