أما الدلالة فهو أنهم قالوا الذوات المختلفة كالسواد والبياض مثل لا محالة أنهما متفقان في شئ وهو اللونية ومختلفان في شئ وهو السوادية والبياضية وليس ما به وقع الاتفاق هو ما به وقع الاختلاف وإلا كان شيئا واحدا فإذا هما غيران وهو المقصود .
وأما ما اعتمدوه إلزاما فهو أنهم قالوا القول بإنكار الأحوال يفضى إلى إنكار القول بالحدود والبراهين وأن لا يتوصل أحد من معلوم إلى مجهول ولا سيما صفات الرب تعالى إذ منشأ القول بها ليس إلا قياس الغائب على الشاهد وهذا كله محال .
ومما اعتمدوا عليه وهو محض الأحوال المعللة أن قالوا نحن نعقل الذات ثم نعقل كونها متحركة بعد ذلك وليس ذلك إلا حالا زائدا عليها وليس ذلك هو نفس الحركة فإنا نعقل المتحرك ونجهل قيام الحركة به ولو كان المتحرك وقيام الحركة بالمحل شيئا واحدا لاستحال أن تكون معلومة مجهولة معا .
والجواب أما ما ذكروه من الشبهة الاولى فالكلام فيها على ما به الاشتراك والاختلاف يستدعى تفصيلا فنقول قولهم إن السواد والبياض يشتركان في اللونية فإما أن يراد به الاشتراك في التسمية أي أنه يطلق على كل واحد منهما أنه لون أو الاشتراك في مسمى اللونيه فإن أريد به الأول فهو خلاف أصلهم ومع ذلك فإن الاسماء لا تكون صفات للذوات ثم إن اريد به الثاني فمسمى اللونية لا محالة ينقسم إلى كلى أي صالح أن يشترك فيه كثيرون وإلى مشخص أي ليس له صلاحية أن يشترك فيه كثيرون فالأول مثل اللونية الموجودة في الأذهان وتلك لا تحقق لها في الأعيان والثاني كهذا اللون وكذا كل ما يصح أن يشار إليه بسبب الإشارة إلى موضوعه فعلى هذا إن أريد به اللونية المشخصة فإما