الأبدان لما كان لها من النسب إليها لجاز القول بتكثرها ووجودها قبل وجود الأبدان لما ستنسب إليها ثم ولو قدر أن فواتها غير لازم من فوات البدن لكن لا مانع من أن يكون فواتها مستندا إلى إرادة قديمة اقتضت عدمها عند فوات البدن كما اقتضت وجودها عند وجوده إذ قد بينا أن كل كائن فاسد فإسناده إنما هو إلى إرادة قديمة لا إلى طبع وعله .
وما ذكر من امتناع قيام قوى القبول للكون والفساد بالنفس فإنهم إن فسروا القوة القابلة للكون بإمكان الكون والقوة القابلة للفساد بإمكان الفساد وفلا محالة ان معنى كون الشئ ممكنا أن يكون وممكنا أن يفسد ليس إلا أنه لا يلزم عنه فى ذلك كله محال فحاصل الإمكان يعود إلى سلب محض وذلك وان تعدد فلا يمتنع اجتماع كثير منه فى شئ واحد لا تعدد فيه إذ هو غير موجب للكثرة .
وإن فسرت القوة القابلة بأمر موجب للتكثر فمع كونه غير مسلم هو لازم لهم في الصور الجوهرية من التوالى فإنها قابلة للكون والفساد وذلك لا يكون بقابل فلو كان القابل للكون والفساد مما يوجب التكثر أوجب في الصور الجوهرية وهو ممتنع بل هو أيضا لازم في النفس في جانب قبولها للاتصال بالبدن والانفصال عنه فكل ما يفرض من الجواب فهو بعينه جواب لنا في محل النزاع كيف وأن ما ذكروه فمبنى على امتناع قبول النفس للتجزى وهو وإن كان ممكنا ومقدورا لله تعالى فهو مما لا يدل على وقوعه عقل ولا أشار إليه نقل