وإن كانت النفس مع ما حصل لها مشتغلة عنه بالفجور والانغماس في الرذائل فهذه النفس تسمى المؤمنة الفاجرة فما استقر فيها من تلك الهيئات والشهوات والقبيحات يجذبها إلى أسفل وما حصل لها في جوها من الكمالات يجذبها إلى الملإ الأعلى فقد يحدث ذلك التجاذب والتضاد ألما عظيما وعذابا أليما وعلى حسب رسوخ تلك الهيئات القبيحة في النفس يكون دوام هذه الآلام لكنها مما لا يتسرمد لكون الموجب لها عارضا والعارض قد يزول على تطاول الزمان .
الحال الثانى .
ألا تكون قد حصلت شيئا من كمالها ولا اشتغلت بشئ من مطلوبها فهى إن كانت مع ذلك زكية طاهرة مشتغلة بالرياضات وأنواع النسك والعبادات عن الرذائل والشهوات فلا يبعد أن تتصل بعد المفارقة للأبدان ببعض الأجرام الفلكية فتتخيل به على نحو تخيل يقظاننا ما كان قد استغرقها من صور الملاذ من المطعومات والمشروبات وتكون لذة ذلك بالنسبة إليها تزيد على ما كانت تجده من لذته في دار الدنيا على نحو ما يجد النائم في منامه في زيادة لذة المنكوح أو المأكول بالنسبة إلى ما يجده من اللذة في حالة كونه يقظان منتبها .
وإن كانت في ذلك منغمسة في الشهوات البهيمية منهمكة على الرذائل الدنياوية بحيث اشتدت إليه قوتها الرغبية فبعد المفارقة تجد من العذاب الأليم على حسب ما تجده النفس