من تلك الرتبة بحيث تكون نسبة أحد الشيئين إلى الآخر بالمعية والتقدم أو التأخر بالذات وإن جاز أن تكون المعية من رتبتها مجامعة للتقدم والتأخر من رتبة أخرى كالمعية بالشرف والتقدم بالزمان ونحوه ثم بين ذلك وحكى ما قرر من بيان إمكانه العالم باعتبار ذاته وافتقاره إلى مرجح خارج ووجوب تقدم المرجح عليه ذاتا ووجودا وامتناع تحقق المعية بكل حال بينهما فقال .
إذا ثبت أن العالم مفتقر في جانب وجوده إلى مرجح وجب أن نفرض المفيد له متقدما على وجوده ذاتا ووجودا إذ المفيد مستحيل أن يقارن وجوده وجود المستفيد من حيث هما كذلك وان قدرت المقارنة بينهما في الوجود كما في حركة اليد مع حركة الخاتم فليس يتصور إلا أن يكونا قد أخذا وجودهما عن امر خارج عنهما لا أن يكون أحدهما سببا والآخر مسببا وإذا كان المفيد له سابقا عليه ذاتا ووجودا فيستحيل أن يكون معه بالوجود والذات إذ قد بان أن المعية من كل رتبة لا تجامع التقدم ولا التأخر من رتبتها بالنظر إلى جهة واحدة ولا جائز أن يكون معه بالزمان ولا المكان والا كان وجود البارى زمانيا ومكانيا إذ المعية من جهة المضافات كالأخوة والأبوة وإن كان أحد الشيئين مع الآخر بالأخوة كان الآخر معه بها ولا يجوز أن يكون معه بالفضيلة والشرف إذ كيف يكون الناقص المفتقر إلى غيره في وجوده مساويا في الفضيلة لما وجوده بذاته غير مفتقر إلى غيره وكذا لا جائز أن يكون معه بالطبع والا كان وجوده مقارنا لوجوده وقد فرض مقدما فإذا قد لزم القول بالتقدم وانتفاء المعية بكل حال وثبت أن البارى كان ولم يكن معه شئ وأن كل ما أوجده فلا يكون إلا عن سبق عدم عليه .
ولربما اورد في سياق كلامه ما يشعر بزيادة تقرير لهذا المعنى وهو أن العالم إذا كان ممكنا باعتبار ذاته فالوجود له عرض مأخوذ من الغير والعدم له ذاتى مأخوذ من ذاته وما هو ذاتى للشئ يكون سابقا على ما هو عرضى بالنسبة اليه فالعالم إذا في وجوده مسبوق بموجود هو واجب الوجود بذاته وتقدمه هو ثابت لذاته وما له أول والعدم سابق على وجوده سبقا ذاتيا كيف يكون وجوده مع وجود ما لا أول لوجوده ولا عدم يسبقه