وليس من السديد ما قيل في معرض الإلزام للخصم وإبطال القول بالقدم .
إنك موافق على تسمية البارى فاعلا والعالم حادثا فلو كان وجود العالم ملازما لوجود البارى تعالى ملازمة لا يمكن القول بدفعها كملازمة الظل للشجرة والمعلول للعلة لامتنع تسميته فاعلا كما يمتنع تسمية الشجرة فاعلة للظل والعلة فاعلة للملعول من جهة أن الفاعل عبارة عمن يصدر منه الفعل مع الإرادة للفعل وعلى سبيل الاختيار وأيضا لامتنع تسمية العالم حادثا إذ الحادث هو ما له أول ووجوده بعد ما لم يكن .
فإن الخصم إنما يعنى بكون البارى فاعلا للعالم أن وجوده لازم لوجوده لا غير وذلك إن لم يوافق الوضع اللغوى فلا يرجع حاصل السؤال إلا إلى مناقشة لفظية ومجادلة قولية ولا اعتبار به وتسمية العالم حادثا إنما هو عنده بمعنى أنه في جانب وجوده مفتقر إلى غيره وإن لم يكن له أول ومعنى كونه قديما أنه لا أول لوجوده إذ القديم قد يطلق عنده على ما لا أول لوجوده وإن كان وجوده مفتقرا إلى غيره وقد يطلق على ما لا يفتقر في وجوده إلى غيره كما سبق من أن تسمية العالم قديما ومحدثا إنما هو باعتبارين مختلفين ولا مشاحة في الإطلاقات بعد فهم غور المعنى .
ولا يلزم على هذا أن يقال إذا كان العالم لا أول لوجوده امتنع القول بإيجاده بغيره إذ لقول بإيجاد الموجود محال فإن من حقق مواقع الإجماع من إيجاد