والعدم من غير أولوية لأحدهما فهو إما أن يكون مخصصا لكل واحد من جهة ما خصص الآخر منهما فهو محال إذ المخصصات المختلفة مستحيل أن تستند في جانب مخصصها إلى شئ واحد من كل جهة وإن كان ذلك باعتبار جهات فلا يكون الاقتضاء بالذات ولا يكون مستند سائر الممكنات إلى مجرد الذات قضية واحدة بل الذات لا تكون مقتضية إلا لشئ واحد إن اقتضت غيره فليس إلا باعتبار صفات زائدة عليها فإذا لفظ الإيجاب بالذات يلازمه نفى الاشتراك فيه والتساوى في نسبة الموجبات المختلفة إليه فالقول بوجوب التساوى إذ ذاك تناقض .
والذى يوضح مأخذ هذا المنع ما اشتهر من معتقد الخصم من أن نسبة إيجاد البارى تعالى لما أوجده بذاته كنسبة إيجاب حركة اليد لحركة الخاتم ولا يخفى أنه وإن كانت حركة الخاتم وسكونها بالنسبة الى ذات الخاتم سيان فليس يلزم أن يكون سكون الخاتم وحركتها بالنسبة إلى حركة اليد سيان بل العقل يقضى باستحالة سكون الخاتم مع حركة اليد ووجوب حركتها عند حركة اليد .
وأما ادعاء المناسبة ووجوب التعلق بين الموجب بالذات وما أوجبه إن أريد به أن يكون كل واحد منهما على حقيقته بحيث يلزم من وجود أحدهما وجود الآخر فذلك مما لا نزاع فيه وإنما الشأن بيان أنه لم يثبت للبارى تعالى ولما أوجبه الحقيقة التى يكون بها أحدهما علة والآخر معلولا ولا يخفى ما فيه من التعسف وإن أريد بالمناسبة المساواة والمشابهة في أمر ما فذلك أيضا تحكم غير مقبول ثم كيف يمكن القول بذلك ولو وقع لم يخل إما أن يكون الإيجاب باعتباره أو باعتبار ما وقع الاختلاف فيه بين حقيقة الموجب والموجب فإن كان باعتباره فليس جعل أحدهما عله للآخر بأولى من العكس لضرورة التساوى بينهما في ذلك المعنى وإن كان باعتبار ما وقع به الاختلاف فلا حاجة إلى القول بالمشابهة ولا المساواة في شئ ما