الكمال والتمام فلو كان موجدا له بالإرادة لوجب كونه محيطا به عالما بأحواله إذ القصد و الإرادة لا يكونان إلا مع العلم ولا جائز أن يكون متعلق قدرة العبد ما هو معلوم له ومتعلق قدرة البارى منه ما ليس بمعلوم للعبد إذ مقدور كل واحد منهما قد لا يتم إلا مع تحقق مقدور الآخر ويلزم من ذلك امتناع وجود الفعل في نفسه لما أسلفناه في مسألة التوحيد كيف وأن ذلك مما لا قائل به وإذا جاز صدور الفعل عن العبد في مثل هذه الأحوال وقيل انه مخلوق له من غير اراده فقد بطل أخذ الإرادة شرطا في الخلق وإذا لم تكن الإرادة شرطا في الخلق بالنسبة إلى بعض أفعاله لم تكن شرطا بالنسبة إلى سائر أفعاله وإن كان عالما بها مريدا لها إذ لا أولوية لأحدهما ومع ذلك فلا قائل به ويلزم من إبطال تالى الشرطية بطلان مقدمها وهو المقصود وما أشرنا إليه لازم على كل من جعل للقدرة الحادثة تأثيرا ما في إيجاد الفعل أو في صفة زائدة عليه .
فإن قيل إنا ندرك بالضرورة وقوع الأفعال على حسب الدواعى والأغراض واختلاف المقاصد والإرادات ولولا صلاحية القدرة الحادثة للإيجاد وإلا لما أحس من النفس ذلك وأيضا فإن الانسان يجد من نفسه تفرقة بين الحركة الاضطرارية والحركة الاختيارية وليست التفرقة واقعة بالنسبة إلى الحركتين من حيث هما ذاتان أو من حيث هما موجودان ولا غير ذلك بل التفرقة إنما هى راجعة إلى كون إحداهما مقدورة