والجواب أن ما قيل من أن البارى جوهر يعنى أن وجوده لا في موضوع فان أريد بمدلول اسم الجوهر سلب الموضوع عنه فقط فذلك مما لا سبيل إلى انكاره من جهة المعنى وإن كان إطلاقه من جهة الشرع والوضع خطأ وانما محز الإشكال وموضع الخيال دعوى تخصيص سلب الموضوع بحقيقة الجوهر وجعل البارى تعالى جوهرا على النحو الموسوم من إطلاق لفظ الجوهر ولا محالة أن دعوى ذلك مما يقود إلى الإلزام الذى ذكرناه ويسوق إلى المحال الذى أسلفناه .
وما قيل من أنه جوهر لا كالجواهر فتسليم للمطلوب من جهة المعنى وانا لا ننكر كونه موجودا وحقيقة لا كالحقائق وانما ننكر كونه مشابها لها وعند ذلك فحاصر الخلاف انما يرجع إلى مجرد إطلاق الأسماء ولا مشاحة فيها الا من جهة ورود التعبير بها وأما ما ذكروه من الإلزام فإنما يتجه أن لو كان غير البارى تعالى مثليا من جهة ما وليس كذلك بل الاشتراك ليس الا في التسمية بكون كل واحد منهما ذاتا ووجودا ومجرد الاشتراك في التسمية لا يوجب الاشتراك بينهما فيما يثبت لأحدهما وهذا بخلاف الجواهر فإنها من حيث هى جواهر متماثلة فما ثبت لواحد منها ثبت لما هو مماثل له أيضا