والموت لا يتصور ان يكون مرئيا بالعين ثم إنه يحتمل أن يكون المراد بقوله وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة أى إلى ثواب ربها ناظرة ويكون ذلك تجوزا بحذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه كيف وهى معارضة بقوله تعالى لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وقوله لموسى لن ترانى وهى للتأبيد وليس العمل بأحد الظاهرين بأولى من الآخر بل الترجيح لنا فإنه أورد ذلك في معرض التمدح والاستعلاء فلو جاز أن يكون مدركا لزال عنه التمدح وهو محال .
قلنا قد بينا أنه مهما اتصلت إلى بالنظر فإنه لا يراد به غير النظر بالعين هو المراد من قول الشاعر ... إلى الموت من وقع السيوف نواظرا ... .
لكن يحتمل أنه أراد بالموت الكر والفر والطعن والضرب معبرا باسم المسبب عن السبب ويحتمل أنه أراد به أهل الحرب الذين يجرى الموت والقتل على أيديهم ولهذا قال الشاعر ... أنا الموت الذى خبرت عنه ... فليس لهارب منى نجاء ... .
وأما نسبة النظر إلى الثواب فمع مخالفته الظاهر فيمتنع حمله عليه فإن ذلك إنما ورد في معرض الامتنان والإنعام والنظر إلى الثواب ليس بثواب ولا إنعام فيكون فيه إبطال فائدة الانعام وهو ممتنع