المسلك الثانى هو أنهم قالوا الطريق الموصل إلى معرفة البارى تعالى ليس إلا وجود الحادثات لضرورة افتقارها إلى مرجح ينتهى الأمر عنده وهى لا تدل على أكثر من واحد .
وهو أيضا مما لا يقوى فإن حاصلة يرجع إلى نفى الدليل الدال على وجود الاثنين ولا بد فيه من الاستناد إلى البحث والتفتيش وذلك غير يقينى على ما لا يخفى ثم ولو قدر انتفاء كل دليل فذلك مما لا يكفى من رام نفى المدلول لجواز وجوده في نفسه وانتفاء دليله .
فالصواب في هذا الباب .
أن يقال لو قدرنا وجود الإلهين لم يخل اما أن يشتركا من كل وجه أو يختلفا من كل وجه أو يشتركا من وجه دون وجه فإن كان الاول فلا تعدد ولا كثرة وان كان الثانى فلا محالة أنهما لم يشتركا في وجوب الوجود ولا فيما يجب لله من الكمالات ويستحيل عليه من الصفات وإذ ذاك فأدحهما لا يكون إلها وإن كان الثالث فتخصيص ما به الاشتراك مما به الافتراق في كل واحد منهما اما أن يستند اليه أو إلى خارج عنه فان استند اليه فإما أن يكون ذلك له بالذات أو بالإرادة لا جائز أن يكون له لذاته والا لوجب الاشتراك فيه لضرورة أن المقتضى له فيهما واحد وإن كان ذلك له بالإرادة استدعى كونه متحققا وموجودا دون ما خصصه وهو محال وان كان ذلك مستندا إلى خارج لزم أن يستندا في وجوبهما كل واحد على صاحبه وهو ممتنع ومع كونه ممتنعا فيلزم أن يكون كل منهما ممكنا وجوده وهو محال