أشد من حالة الانفراد لكون الاستحالة في الآلة الدراكة أشد وللزم أن يضطرب الشئ المبصر عند تشويش الجو واضطراب الرياح بسبب تجدد الآلة الدراكة وهو ممتنع هذا إن قيل بخروج شئ من البصر إلى المبصر .
وإن قيل إن شيئا من المبصر يتصل بالبصر بحيث ينطبع فيه ويدركه فإما أن يكون ذلك على جهة الانتقال والانفصال أو على الانطباع والتمثيل من غير انفصال شئ من المبصر وعلى كلا التقديرين فهو باطل وإلا للزم ان لا يدرك الشئ المرئى إلا على نحو ما انطبع منه في البصر من غير زيادة ولا نقصان ولو كان كذلك لما رؤى الحمل أو الجبل على هيئته بل على نحو ما ينطبع منه في البصر وهو هوس ثم إنه لا جائز أن يكون المنطبع منتقلا ولا فهو إما جوهر وإما عرض لا جائز ان يكون جوهرا لما أسلفناه وأيضا فإنه يلزم منه أن تحترق العين عند كون المرئى نارا وهو ممتنع وإن كان عرضا فهو أيضا باطل لما سلف فتبين من هذا أن الادراك ليس إلا معنى يخلقه الله تعالى للمدرك مع قطع النطر عن الانتقال والانطباع في الآلات والأدوات وحيث لم يكن للعين أو اليد وغير ذلك من الجوارح قوة الإدراك فليس لعدم صلاحيته للإدراك بل لأن الله تعإلى لم يخلق له الإدراك وهذا الأصلا عظيم مطرد عند المحققين من أهل الحق في سائر الإدراكات