من فاعل الشر وقالت طائفة من غلاة الرافضة بالتزام التناسخ وقالوا إنما حسن ذلك لاستحقاقهم ذلك بجرائم سابقة اقترفوها في غير هذه القوالب فنقلت أرواحهم إلى هذه القوالب عقوبة لهم وموجب هذا التخليط تعلق أمل هؤلاء بمعرفة حقيقة أسرار أفعال الله تعالى في المكلفين وغيرهم وهذا مما لا سبيل إلى معرفته ويكفي معرفة الحكمة والتعليل في ثواب وعقاب المكلفين وهو المراد وإلا فمن المحال معرفة أسرار أفعاله كلها لأن الرب تعالى لا يمثل بالخلق لا في ذاته ولا صفاته ولا في أفعاله بل له المثل الأعلى فما ثبت لغيره من الكمال فهو أحق به وما تنزه عنه من النقص فهو أحق بتنزيهه عنه سبحانه وليس كل ما كان ظلما من العبد يكون ظلما من الرب ولا ما كان قبيحا من العبد يكون قبيحا من الرب فإنه سبحانه ليس كمثله شئ لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله لكن القدرية شبهت في الأفعال فقاسوا أفعال الله على أفعال خلقه وهو افسد القياس .
ولهذا قال جمهور المعتزلة وجدنا في الشاهد أن من فعل الجور كان ظالما جائرا ومن أعان فاعله على فعله ثم عاقبه عليه كان جائرا عابثا والعدل في صفات الله والظلم منفي عنه تعالى باتفاق المسلمين .
قال ابن حزم وليس الأمر كما ظنته عقولهم الحاكمة على الله تعالى في انه لا يحسن منه تعالى إلا ما حسنته عقولهم وانه يقبح منه ما قبحته عقولهم .
قال والحق ان كل ما فعله الله سبحانه فهو حق وعدل أي شيء كان وإن كان من جورا وسفها .
وقالت طائفة إن من خلق خلقا ثم سلط بعضهم على بعض فهو ظالم جائر عابث فقالوا أن خالق الخير غير خالق الشر