المختلفين والمقصرين أبرز حال الأمارين بالمعروف النهائين عن المنكر فى أجل مظهر يمكن أن تظهر فيه حال أمة فقال كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله فقدم ذكر الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر على الإيمان فى هذه الآية مع أن الإيمان هو الأصل الذى تقوم عليه أعمال البر والدوحة التى تتفرع عنها أفنان الخير تشريفا لتلك الفريضة وإعلاء لمنزلتها بين الفرائض بل تنبيها على أنها حفاظ الإيمان وملاك أمره ثم شد بالإنكار على قوم اغفلوها وأهل دين أهملوها فقال لعن الذين كفروا من بنى إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون وكانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون فقذف عليهم اللعنة وهى أشد ما عنون الله به على مقته وغضبه .
فرض الإسلام للفقراء فى أموال الأغنياء حقا معلوما يفيض به الآخرون على الأولين سدا لحاجة المعدم وتفريجا لكربة الغارم وتحريرا لرقاب المستبعدين وتيسير الأبناء السبيل ولم يحث على شىء حثه على الإنفاق من الأموال فى سبيل الخير وكثيرا ما جعله عنوان الإيمان ودليل الاهتداء إلى الصراط المستقيم فاستل بذلك ضغائن أهل الفاقة ومحص صدورهم من الاحقاد على من فضلهم الله عليهم فى الرزق وأشعر قلوب أولئك محبة هؤلاء وساق الرحمة فى نفوس هؤلاء على أولئك البائسين فاستقرت بذلك الطمأنينة فى نفوس الناس أجمعين وأى دواء لأمراض الاجتماع أنجع من هذا ذلك فضل الله يوتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم .
أغلق الإسلام بأبى الشر وسد ينبوعى فساد العقل والمال بتحريمه الخمبر والمقامرة والربا تحريما باتا لا هوادة فيه .
لم يدع الإسلام بعد ما قررنا أصلا من أصول الفضائل إلا أتى عليه ولا أما من أمهات الصالحات إلا أحياها ولا قاعدة من قواعد النظام إلا قررها