ما قصد من وحيها اتباعا لشهواتهم ودعاهم إلى فهمها والتحقق بسر علمها حتى يكونوا على نور من ربهم واستفلت كل إنسان إلى ما أودع فيه من المواهب الإلهية ودعا الناس أجمعين ذكورا وإناثا عامة وسادات إلى عرفان أنفسهم وأنهم من نوع خصه الله بالعقل وميزه بالفكر وشرفه بهما وبحرية الإرادة فيما يرشده إليه عقله وفكره وأن الله عرض عليهم جميع ما بين أيديهم من الأكوان وسلطهم على فهمها والانتفاع بها بدون شرط ولا قيد إلا الاعتدال والوقوف عند حدود الشريعة العادلة والفضيلة الكاملة وأقدرهم بذلك على أن يصلوا إلى معرفة خالقهم بعقولهم وأفكارهم بدون واسطة أحد إلا من خصهم الله بوحيه وقد وكل إليهم معرفتهم بالدليل كما كان الشأن فى معرفتهم لمبدع الكائنات أجمع والحاجة إلى أولئك المصطفين إنما هو معرفة الصفات التى أذن الله أن تعلم منه وليس فى الاعتقاد بوجوده وقرر أن لا سلطان لأحد من البشر على آخر منه إلا ما رسمته الشريعة وفرضه العدل ثم الإنسان بعد ذلك يذهب بإرادته إلى ما سخرت له بمقتضى الفطرة دعا الإنسان إلى معرفة أنه جسم وروح وأنه بذلك من عالمين متخلفين وإن كانا ممتزجين وأنه مطالب بخدمتهما جميعا وإيفاء كل منهما ما قررت له الحكمة الإلهية من الحق دعا الناس كافة إلى الاستعداد فى هذه الحياة لما سيلاقون فى الحياة الأخرى وبين لهم أن خير زاد يتزوده العامل هو الإخلاص لله فى العبادة والإخلاص للعباد فى العدل والنصيحة والإرشاد .
قام بهذه الدعوة العظمى وحده ولا حول ولا قوة له كل هذا كان منه والناس أحباء ما ألفوا وإن كان خسران الدنيا وحرمان الآخرة أعداء ما جهلوا وإن كان رغد العيش وعزة السيادة ومنتهى السعادة كل هذا والقوم حواليه أعداء أنفسهم وعبيد شهواتهم لا يفقهون دعوته ولا يعقلون رسالته عقدت أهداب بصائر العامة منهم بأهواء الخاصة وحجبت عقول الخاصة بغرور العزة عن النظر فى دعوى فقير أمى مثله لا يرون فيه ما يرفعه إلى نصيحتهم والتطاول إلى مقاماتهم الرفيعة باللوم والتعنيف