إلى استعمال ما منح من تلك الأدوات والأعضاء وسوق كل قوة من قواه إلى ما قدرت له فهو الذى يعلم حالة الجنين وهو نطفة أو علقة ويعلم حاجته متى تكامل خلقه وأنشأه نشأة الحى المستقل فى عمله إلى الأيدى والأرجل والأعين والمشام والآذان وبقية المشاعر الباطنة ليستعمل ذلك فيما يقيم وجوده وبقية من العوادى عليه وحاجته إلى المعدة والقلب والكبد والرئة ونحوها من الأعضاء التى لا غنى عنها في النمو والبقاء إلى الأجل المحدود للشخص أو للنوع .
هو الذى يعلم حالة الجروة من الكلاب مثلا وأنها متى كبرت تلد أجزاء متعددة فيمنحها أطباء متكثرة وغير ذلك مما لا يستطاع إحصاؤه وقد فصل الكثير منه في كتب النباتات وحياة الحيوان وما يسمى التاريخ الطبيعى وفنون منافع الأعضاء والطب وما يتبعه على أن الباحثين في كل ذلك بعد ما بذلوا من الجهد وماصرفوا من الهمم وما كشفوا من الأسرار لم يزالوا في أول البحث .
هذا الصنيع الذى إنما تتفاضل العقول فى فهم أسراره والوقوف على دقائق حكمه ألا يدل على أن مصدره هو العالم بكل شىء الذى أعطى كل شىء خلقه ثم هدى هل يمكن لمجرد الاتفاق المسمى بالصدقة أن يكون ينبوعا لهذا النظام وواضعا لتلك القواعد التى يقوم عليها وجود الأكوان عظيمها وحقيرها كلا بل مبدع ذلك كله هو من لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا فى السماء وهو السميع العليم .
الإرادة .
مما يجب لواجب الوجود الإرادة وهى صفة تخصص فعل العالم بأحد وجوهه الممكنة .
بعد ما ثبت أن واهب وجود الممكنات هو الواجب وأنه عالم وأن ما يوجد من الممكن لا بد أن يكون على وفق علمه ثبت بالضرورة أنه مريد لأنه إنما يفعل على حسب علمه ثم إن كل موجود فهو على قدر مخصوص وصفة معينة