لا يذكر هذه الساعة ولا هذا الحادث فإنه كان لا يعي ذلك ولم يكن يعقل في ذلك الحين ولكن لما استفاض ذلك الخبر وتواترت به الأنباء وتناقلته الألسن آمن به ولم يشك في أمه أنها له أم وهو لها ابن لا يعدل عنها عدولا ولا يبغي لها بديلا فمن عق أمه ولم يبر بها واتخذ له أما أخرى كثرت القالة فيه وأصبح شامة في الناس فإن تعلل بأنه لا يذكر هذا الحادث وأنه لا يعتمد على مجرد الإشاعة ضعف الناس عقله وسفهوا حلمه واعتبروه قليل الحياء قليل الأدب فإذا كان الناس يعتمدون على حديث العامة وآمنوا بسببه بحقائق كان الأنبياء أولى بهذه الثقة وأجدر بالاحتجاج .
وقد تبين من هذا الحديث أنه قد سبق أمر الله بالتوحيد والنهي عن الشرك لكل نسمة في عالم الأرواح وما بعث الرسل ونزلت الصحف إلا لتبين ذلك وتؤكده وقد تلخص كلام الأنبياء الذين يبلغ عددهم إلى مائة ألف واربعة وعشرين ألفا وعلم الصحف السماوية التي يبلغ عددها إلى مائة وأربعة كتب في هذه النكتة وهو الاعتصام بالتوحيد وإخلاص الدين لله والابتعاد عن الشرك واتخاذ غير الله