الإجماع الثالث .
وأجمعوا أنه تعالى لم يزل موجودا حيا قادرا عالما مريدا متكلما سميعا بصيرا على ما وصف به نفسه وتسمى به في كتابه وأخبرهم به رسوله ودلت عليه أفعاله وأن وصفه بذلك لا يوجب شبهه لمن وصف من خلقه بذلك من قبل الشيئين لا يشبهان بغيرهما ولا باتفاق أسمائهما وإنما يشبهان بأنفسهما فلما كانت نفس الباري تعالى غير مشبهه لشيء من العالم بما ذكرناه آنفا لم يكن وصفه بأنه حي وقادر وعالم يوجب تشبهه لمن وصفناه بذلك منا وإنما يوجب اتفاقهما في ذلك اتفاقا في حقيقة الحي والقادر والعالم وليس اتفاقهما في حقيقة ذلك يوجب تشابها بينهما ألا ترى أن وصف الباري D بأنه موجود ووصف الإنسان بذلك لا يوجب تشابها بينهما وإن كانا قد اتفقا في حقيقة الموجود ولو وجب تشابههما بذلك لوجب تشابه السواد والبياض بكونهما موجودين فلما لم يجب بذلك بينهما تشابه وإن كانا قد اتفقا في حقيقة الموجود لم يجب أن يوصف الباري D بأنه حي عالم قادر ووصف الإنسان بذلك تشابههما وإن اتفقا في حقيقة ذلك وإن كان الله D لم يزل مستحقا