[ 8 ] زمان التأسيس. ويقدم علم الفقه على سائر العلوم من جهة العمل، لأن علاقته بالعمل أقوى مما سواه، فهو يبحث عن أحكام الله تعالى، فبه تعرف أوامر الله فتمتثل ونواهيه فتجتنب. وبعد ما تثبت أن عقل الانسان محدود لا يستطيع أن يدرك جميع الحقائق، فهو قاصر لابد له من نظام وقانون يسير عليه ليصل إلى سعادته الدنيوية والأخروية، وهذا القانون والنظام لا يمكن صدوره إلا من العقل المطلق الذي يحيط بكل شئ، إذ بعد ما ثبتت محدودية عقل الانسان كيف يمكن أو يتصور أن يكون هو المقنن! وإذا وضع قانونا لتنظيم معاشه وترتيب أموره فهو قانون ناقص قاصر بالضرورة. فتبين أن القانون الذي ينظم المجتمع لا يمكن صدوره إلا من الله المحيط بكل شئ خالق هذا العقل المحدود. والله سبحانه بين هذا القانون في كتابه المجيد المنزل على حبيبه محمد صلى الله عليه وآله، لكن بما أن في القرآن آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات، فلا يعلم المحكم من المتشابه والناسخ من المنسوخ والعام من الخاص والمطلق من المقيد إلا من أنزل عليه القرآن ومن أمرنا بالتمسك به بعده. والذي يتكفل ببيان هذا القانون الرباني الموجود في الكتاب العزيز وسنة النبي وأهل بيته عليهم السلام ليس هو إلا الفقه. فالفقه هو المنظم لامور المعاش، وبه يتم كمال نوع الانسان. نعم الفقه يبين للانسان كيف يستطيع أن يحافظ على صحته، وذلك من جهة تأكيده، على الطهارة، فهو يريد للانسان أن يعيش في مجتمع نظيف طاهر. ومحيط خال من الأوساخ. الفقيه يولي الانسان اهتماما واحتراما كبيرا حتى بعد الموت، وذلك ببيانه ________________________________________