[ 19 ] الرسل بالبينات، فالعلم بمنزلة الشجرة، والعبادة بمنزلة الثمرة، فلو لم تكن لهذه الشجرة ثمرة في الوجود، لم تصلح إلا للوقود. بيت: إذا المرء مع إيمانه ليس عاملا * بشئ من الخيرات تلقاه خائنا وذلك مثل السفن في البحر تلقها * جوار وفي غير البحار سواكنا يا نفس: ليس الفقيه من استفاد وأفاد، بل الفقيه من أصلح المعاد، ولا العالم من أفتى ودرس، بل العالم من تستر بالدرع وتترس ولا المجتهد من بنى أساس الملة على قياس العلة، بل المجتهد من شغله الحق عن المنع والتسليم، واكتفى بعلم الخضر عن علم الكليم، وارعوى بمسؤولات الحشر، عن المقولات العشر، فلا تحسبي المتشبه بالفقيه فقيها. فليس ذو الوجهين عند الله وجيها. يا نفس: مثل العالم بالله وأسمائه. وصفاته وآلائه، وهو يقصر في طاعته ويضجع، ويهمل أوامره ويضيع، كمثل من أراد خدمة رئيس، أو ملك نفيس، فعرف الملك وأخلاقه، وطبعه وأعرافه، فقصد خدمة جنابه، والتعلق بأسبابه، إلا أنه ملابس لجميع ما يبغضه ويشناه، وعاطل من جميع ما يحبه ويهواه، أما كان كل عاقل يحكم بجهالته، وعظم سفاهته، ولا يتصور أن يعرف الأسد عاقل ويعرف أوصافه، إلا وهو يتقيه ويخافه، فعنه عليه السلام: من ازداد علما ولم يزدد هدى، لم يزدد من الله إلا بعدا. يا نفس: كيف تحبين لقاء الله وأنت تعصينه، فلو عصيت آدميا ما اشتهيت أن تلقينه: شعر: تعصى الاله وأنت تظهر حبه * هذا محال في القياس بديع لو كان حبك صادقا لأطعته * إن المحب لمن يحب مطيع ________________________________________