[ 11 ] الفقه لا يريد للانسان أن يعيش عيشا خاليا من متع الحياة وجمالها، بل يريد له أن لا ينسى حظه من الدنيا، لذلك بين أحكام السبق والرماية والسباحة وغيرها، التي هي في نفس الوقت من مجليات القلوب ومروحات المزاج، وكذلك فيها نفع وخدمة للمجتمع. الفقه ضد الاستغلال، ضد اللهو الباطل، لذلك حرم الربا والقمار وكل ما فيه ضرر لروح الانسان وجسده كالموسيقى وغيرها. الفقه يحب أن يعيش الانسان حرا، ولذلك بين أحكام العبيد وشجع على العتق، ليعيش الانسان حرا عارفا ربه غير ظالم ولا معتد. الفقه يريد الانسان أن يكون انسانا وصاحب قول واحد، لذلك بين له أحكام النذر والعهد واليمين، فالانسان إذا ألزم نفسه بشئ مع فرد آخر لابد وأن يفي به، فبالأولى أنه إذا ألزم نفسه بشئ مع ربه أن يفي به. الفقه يحب العطف والرأفة، فبين أحكام الصيد والذباحة وأن لهما شرائط خاصة، لئلا يعذب الحيوان. الفقه يريد للانسان أن يحفظ بطنه من الخبائث التي تفسد المجتمع وتضر بصحته، فبين أحكام الأطعمة والأشربة، وأن منها حلالا ومنها حراما. الفقه لا يريد للانسان الوقوع في النزاع من أجل المال، بل يريد له الوئام والصفاء، لذا بين أحكام المواريث، لئلا يتنازع الوارثون. بعد موت، مورثهم، بينها بأحسن تبيين وقسمها بأحسن تقسيم، وأخيرا الفقه يريد الحياة لأولي الألباب، لذا بين أحكام القصاص، إذا لا حياة لهم بدون القصاص، فبين لهم كيف يتعاملون مع المعتدي الذي يخالف القانون الالهي - الذي يقبله كل إنسان عاقل - من الحدود والتعزيرات و... نعم الفقه يريد... الفقه يحب... الفقه يشجع... الفقه... وبالجملة فالفقه هو الشريان الذي تغتذي منه الأمة، إن سارت نحوه واتخذته ________________________________________