[ 328 ] وهذا الاشكال مما لم تقع عليه الخواطر ولا تنبه له الاوائل ولا الاواخر ولا كشف عن مكنونه الغطاء، لكن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء. وفرض من يقف على فوائد هذا المولى الاعظم من علماء الانام أن يبسطوا له يد الانقياد و الاستسلام وأن يكون قصار اهم التقاط ما يصدر عنه من جواهر الكلام، فإنها شفاء الانفس وجلاء الافهام، غير أنه ظاهر الله جلاله ولا أعدم أولياءه فضله و إفضاله سوغ لي الدخول في هذا الباب وأذن لي أن أورد ما يخطر في (4) الجواب ما يكون صوابا أو مقاربا للصواب، فأقول ممتثلا لامره مشتملا ملابس صفحه وعفوه: إنه ينبغي أن تتقدم ذلك مقدمة تشتمل على بحثين: الاول لفقهائنا قولان: أحدهما أن الكعبة قبلة لمن كان في الحرم ومن خرج عنه، والتوجه إليها متعين على التقديرات (5) فعلى هذا لا يتياسر (6) أصلا. والثاني أنها قبلة لمن كان في المسجد، والمسجد قبلة لمن كان في الحرم، والحرم قبلة لمن خرج عنه. وتوجه المصلي على قول هذا القائل من الآفاق ليس إلى الكعبة حتى أن استقبال الكعبة في الصف المستقيم المتطاول متعذر عنده لان عنده جهة كل واحد من المصلين غير جهة الآخر، إذ لو خرج من وجه كل واحد منهم خط مواز للخط الخارج من وجه الآخر لخرج بعض تلك الخطوط عن ملاقاة الكعبة فحينئذ يسقط اعتبار الكعبة بانفرادها في الاستقبال ويعود الاستقبال مختصا باستقبال ما اتفق من الحرم. لا يقال: هذا باطل بقوله تعالى: * (فول وجهك شطر المسجد الحرام) * (7) ________________________________________ (4) في بعض النسخ: ما يحضرني في الجواب. (5) في بعض النسخ: على التقديرين. (6) في بعض النسخ: لا تياسر. (7) سورة البقرة: 144 و 150. ________________________________________