[ 528 ] القسم الثاني في النكاح المنقطع وهو سائغ في دين الإسلام، لتحقق شرعيته (275)، وعدم ما يدل على والنظر فيه: يستدعي بيان أركانه، وأحكامه. فأركانه أربعة: الصيغة، والمحل، والأجل، والمهر. أما الصيغة: فهي اللفظ الذي وضعه الشرع وصلة إلى إنعقاده، وهو ايجاب وقبول. وألفاظ الايجاب ثلاثة: زوجتك ومتعتك وأنكحتك، وأيها حصل وقع الايجاب به، ولا ينعقد بغيرها، كلفظ التمليك والهبة والإجارة. والقبول: هو اللفظ الدال على الرضا بذلك الإيجاب، كقوله: قبلت النكاح أو المتعة. ولو قال: قبلت واقتصر، أو رضيت جاز. ولو بدئ بالقبول، فقال: تزوجت، فقالت: زوجتك صح. ________________________________________ (275) ويدل عليه الكتاب، والسنة والاجماع والعقل بتفصيل كبير، ونوجز ذلك في أسطر بما يليق هذا الشرح المختصر (وأما الكتاب) فقوله تعالى (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن) فسماها الله متعة، وسمى مهرها أجرا، وهو يلائم الشئ غير الدائم، فإنه لا يقال لمن اشترى عبدا، أو دارا، أو أرضا عط الأجرة، وأنما يقال اعط الثمن، لكن يقال لمن أستأجر دارا، أو عبدا أو أرضا اعط الأجرة. (وقد روى) إمام أهل السنة الطبري في تفسيره الكبير (جامع البيان): فما استمتعتم به منهن إلى أجل فآتوهن أجورهن. (وأما السنة) فالأحاديث من عامة مذاهب المسلمين كثيرة جدا، ويكفي في المقام ما نقل متواترا عن عمر بن الخطاب أنه قال (متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله محللتين أنا أنهي عنهما متعة الحج ومتعة النساء) وهذا صريح في أن المشرع الأعظم رسول الله صلى الله عليه وآله حللهما، وسنة النبي صلى الله عليه وآله هي المتبعة، وسنة غيره هي التي يجب تركها. (وأما الاجماع) فعندنا بلا نكير، وعند العامة اجمعوا على تشريع المتعة، واختلفوا في نسخها، ولا يترك اليقين بغير اليقين (وقد روي) عن صحيحي البخاري ومسلم عن عمران بن حصين: نزلت آية المتعة في كتاب الله عز وجل ولم تنزل آية بعدها تنسخها فأمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وآله ولم ينهانها عنها فقال رجل برأيه ما شاء (قال) البخاري: يقال إنه هو عمر، وقال مسلم: يعني عمر. (وأما العقل) فلأن كل شئ فيه دائم ومؤقت وقد أقر الشرع ذلك في كل المعاوضات فالبيع، والصدقة، والهدية، والهبة أمثلة للدائم، والاجارة والصلح، والعارية ونحوها للمؤقت، فلم لا يكون في النكاح مؤقت (أضف إلى ذلك) إن الناس ليس كلهم يقدر على الدائم، لأسباب اقتصادية، أو اجتماعية، أو نفسية أو غيرها - كما هو المشاهد كثيرا في عصرنا هذا من كون أكثر الشباب والشابات عزاب - فيدور الأمر بين ثلاثة أمور (الكبت) الجنسي الموجب لأمراض خطيرة (والفساد) الذي فيه تحطيم العائلة، والنسل، والكرامة الانسانية، والمرض، وغير ذلك (والمتعة) بما لها من أحكام نظيفة، ولا شك أن العقل يأمر بالمتعة حذرا من العزوبة والفساد (والبحث) طويل نكتفي منه بهذا المقدار، ومن أراد التفصيل فليرجع لمطولات، ومن أجمل ما فيه كتاب (المتعة) لتوفيق الفكيكي. ________________________________________