[ 24 ] فأما مع اختلاف ما ذكرناه فلا انحصار لتعلقها، وهي متفقة فيه (وإن اختلف، لانه لا وجه لاختلافها فيه) (1) وشرط مقدورها أن يكون ممكنا في نفسه، لاستحالة تعلقها بما ليس كذلك. فعلى هذا يكون تكليف الكافر بالايمان ممكنا، لكونه مقدورا له وحسنا، لكونه إرادة حكيم منزه عن كل قبيح. وقد يكون واجبا في الحكمة لتكامل شروطه، ولا تأثير لتعلق العالمية بأنه لا يختاره، إذ ليست مؤثرة في معلومها ولا مضادة لوقوعه منه، فكان ممكن الوقوع باعتبار تمكنه واقتداره محالا بسوء اختياره، ولو أوجب تعلق العالمية كفر الكافر، لاوجب إيمان المؤمن، فيقبح التكليف، ويسقط ما يترتب عليه، وقد كلف الله سبحانه كل من أكمل له شروطه التي هي الحياة والعقل والاقتدار والتمكين ونصب الادلة وإزاحة العلة وشهوة القبيح والنفار عن الحسن والالطاف المعلومة له، لانه مع إكمالها إذا لم يغن (2) بالحسن عن القبيح، بل جعل ما أمر به شاقا، لكونه مؤلما منفورا عنه وما نهى عنه كذلك، لكونه ملذا مشتهى، فلولا كونه مكلفا كل من أكمل له فعل المشاق وترك الملذ كان عابثا أو مغريا له بالقبيح ويتعالى الله عنهما ولا وجه لكونه باعتبارها غير مكلف، لانه على الصفات المعتبرة في ثبوت كونه كذلك، وحسن هذا التكليف معلوم، لاستناده إلى مكلف حكيم، ولتضمنه التعريض إلى استحقاق المنافع العظيمة التي لا تستحق إلا به، لقبح الابتداء بمثلها، وذلك هو الغرض به، والتعريض للشئ في حكم إيصاله، والمخاطب به ________________________________________ 1 - ما بين القوسين موجود في " أ ". 2 - في " أ ": لم يعن. ________________________________________